الاونروا من اغاثة اللاجئين الى العداء لهم !!! عثمان بدر
معلوم انه جرى تأسيس (وكالة هيئة الامم المتحدة) التي عُرفت اختصاراً باسم (الاونروا) عام 1949،بقصد (اغاثة) و(تشغيل اللاجئين الفلسطينين) الذين شُردوا بقوة السلاح والمجازر من ديارهم عام 1948،وكان واضحاً ان اللاجئين لم يعرفوا المعنى الحقيقي ل(اغاثة) و(تشغيل) وظنوا ان (الاغاثة) معناها تقديم بعض المعونات آلانية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع بينما معناها الحقيقي الوقوف الى جانب اللاجئين في كل ازماتهم ومعاناتهم ومد يد العون والمساعدة لمن يحتاجها منهم،واعتقدوا ايضاً ان (التشغيل) معناها نيل وظيفة في (الاونروا) فقط،بينما المعنى الحقيقي لها هو توفير فرص عمل للاجئين في بلدان اللجوء بالتفاهم والاتفاق مع الدول المضيفة وهذا ما لم تفعله (الوكالة) مطلقاً واكتفت بمنح بعض الفلسطينين وظائف فيها،وقد استغل القيمون على هذه (المنظمة الدولية) سذاجة الناس وعدم مبالاتهم وعدم اطلاعهم على قوانينها لنفض يدها من مسؤولياتها الحقيقية تجاههم.
منذ بداية تأسيسها وضعت (الاونروا) نفسها في مواجهة اللاجئين الذين ينبغي انها وُجدت اصلا ل(اغاثتهم) و(تشغيلهم)،فكانت تمنع الموظفين منهم من الانتماء لاي من (التنظيمات او الاحزاب الفلسطينية) او حتى التحدّث بالامور السياسيّة والوطنيّة كما منعت اقامة (الاحتفالات) و(المهرجانات) واحياء المناسبات في مدارسها ومقارها ومنعت ضمن قرارات جائرة الاساتذة والمعلمين من التحدّث عن اي مناسبة وطنيّة في المدارس والصفوف ومقار ومكاتب (الاونروا) وكان تعرّض من يفعل ذلك للعقاب الذي يصل في بعض الاحيان الى الطرد من الوظيفة،لا بل فانها كانت تستعين في كثير من الاحيان ب(الاجهزة الامنيّة) لفض الاعتصامات والتظاهرات والاحتفالات في المناسبات الوطنيّة او للنيل من احد موظفيها الناشطين على الصعيد الوطني والامثلة على ذلك كثيرة،وفي هذا دلالة لا لبس بها ان (الاونروا) قد وضعت نفسها في (المعسكر) المعادي للشعب الفلسطيني منذ البدايات الاولى لتأسيسها وتحت مسميّات واهية وحجج لا اساس لها من الصحّة فهدفها الاساس والواضح قتل الروح الوطنيّة لدى شعبنا تماهياً مع الاملاءات الصهيونيّة،ولم تكتف بهذا فقد عمدت الى شرخ المجتمع الفلسطيني اذ عملت على تحويل (اللاجيء الموظف) في احد اقسامها الى عدو لشقيقه (اللاجيء غير الموظف) ولا سيما في (قسم الصحّة) الذي هو على تماس مباشر ويومي مع اللاجئين،فباتت مصلحة (الاونروا) بالنسبة للموظف فوق مصلحة ابناء شعبه لنيل رضا وقبول الموظفين (الاجانب) او طمعاً بتقييم او جائزة او لفت نظر من الرؤساء او طمعاً في التجديد لنفسه بعد وصوله الى سن التقاعد،فكانت النتائج كارثيّة اذ اسهم ذلك بوفاة المئات من اللاجئين على ابواب المستشفيات لان (الطبيب المناوب) اي (المسؤول) رفض منح المريض تحويل الى المستشفى في محاولة للتوفير على (الاونروا) ولو كان هناك رقابة ومحاسبة حقيقيّة لتم تحويل بعضهم الى القضاء بتهمة القتل المعتمّد و لجرى زجهم في السجون لسنوات طويلة،وهذا يقودنا للحديث ان التعاقد مع بعض المستشفيات يطرح الف علامة سؤال واستفهام (وهذا الامر سيتم الحديث عنه في مقالة مفصّلة وبالاسماء والارقام).
كان واضحاً منذ السنوات الاولى لانشائها ان (الوكالة) قد عشعش فيها الفساد من الهرم حتى القاعدة حتى بات يصح اطلاق اسم (منظمة الفساد الدوليّة) عليها،فالوظائف فيها لم تخضع في يوم من الايام للنزاهة والكفاءة ونظافة الكف وحسن السيرة والسلوك والفاعليّة وحسن الادارة والتنظيم بل خضعت على الدوام للرشى والمحسوبيات و(الوساطة) وفي جميع الاقسام ولهذا فمن البديهي ان تكون الوظائف من نصيب (شريحة) معيّنة ومن الطبيعي ان نجد اكثر من شخصٍ من عائلة واحدة من عداد موظفيها رغم ان قوانين (الاونروا) تمنع ذلك،وكذلك بات من المألوف ان نرى الكثير من الموظفين غير الكفوئين وغير المخلصين وغير النزيهين و من اصحاب السمعة السيئة في مراكز هامّة وحسّاسة،وهذا ما اسهم بحدود كبيرة بتردي اوضاع (الوكالة) وفشلها في تحقيق اي من الاهداف التي تم تأسيسها من اجلها،كما ان (التلزيمات) في البناء وغيره كانت وما زالت تخضع للسمسرات والرشى والمحسوبيّات على قاعدة (مرّق لي حتى امرّق لك) بعيداً عن (دفتر الشروط والمواصفات) الذي غالباً ما كان يتم وضعه شكليّاً حتى انه في غالب الاحيان يتم اقصاء بعض المتعهدين المخلصين والاكفّاء وذوي الاختصاص ليحل محلهم المتعهد الذي يدفع اكثر ولو كان فاشلاً وليس من ذوي الاختصاص،ولهذا فان غالبية المشاريع التي تم تنفيذها يعلوها الغش وعدم الالتزام بالمواصفات و(مخيم نهرالبارد) واعماره (الخنفشاري) خير شاهد ودليل .
اليوم يمر اللاجئون الفلسطينيون باسوأ مرحلة من مراحلهم منذ نكبتهم في العام 1948 وخاصّة في لبنان،فعدا عن كون وجودهم برمته مهدد نتيجة مؤامرة (صفقة القرن)،فان اوضاعهم الاقتصاديّة والمعيشيّة والانسانيّة مزرية وغاية في الصعوبة والتعقيد وقد زادت تفاقماً جرّاء الازمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الني يمر بها لبنان،ورغم ان واحدة من اسباب انشاء (الاونروا) ومهامها (اغاثة) اللاجئين الاّ انها لم تحرّك ساكناً ازاء ما يتعرّضون له والتزمت موقف المتفرّج على مأساتهم ومعاناتهم تحت مسمّى انها تعيش في ازمة ماليّة رغم ان الوقائع تدحض هذه المزاعم فابواب الهدر والفساد ومنافذها ما زالت مشرّعة فيها على مصراعيها ولم يتم اغلاقها
هذا غيض من فيض ممارسات (الاونروا) التي نستخلص من خلالها ومن خلال غيرها من الممارسات التي لم نذكرها هنا و(سيتم ذكرها في مقالات لاحقة) ان هذه (المنظمة الدوليّة) التي تم تأسيسها ل(اغاثة) و(تشغيل) اللاجئين قد تحوّلت للعداء لهم وباتت تعمل من اجل مصالح شريحة بعينها ضاربة بعرض الحائط مصلحة اللاجئين الذين ملّوا تصرفاتها غير المحمودة وكرهوا ممارساتها اللاانسانية بحقهم والتي غالباً ما تكون ممارسات مذّلة لهم، وبات وجودها وعدمه بالنسبة لهم سيان،واللافت في هذا السياق ان (القوى الفلسطينية) التي تطالب بالحفاظ على (الاونروا) باعتبار انها احد الشواهد على النكبة هي نفسها التي فرطّت بقرابة ثمانين بالمائة من فلسطين وتنازلت عن جميع حقوق اللاجئين بما فيها حق عودتهم الى ديارهم وممتلكاتهم.