قراءة في بعض المعروضات في متحف الثقافة في فنزويلا:
Museo De Cultura.
بقلم وليد ابورايد.
في زيارة ثانية ووقوف أمام بعض المعروضات وبنظرة تحليلية مقارنة نستطيع قراءة بعض الرسائل التي اراد الفنانون المحليون إيصالها للمتلقي تعبيرا عن فكر مجتمعي قد نراه نحن العرب غريبا بعض الشئ من حيث المضمون ومن حيث ما يمثله من فكرة يؤمن بها عدد كبير من شعوب أميركا اللاتينية وهو ليس بدخيل او جديد إنما تختلف صيغ التعبير عنه والتعايش معه والايمان به.
اللوحات المعبرة عن هذه الظاهرة والتي تتضمن تمثيل الاموات الأحياء (الزومبي) واللوحات التي تمثل طقوس السحر الأسود. إن الأصول التي يرجع إليها سكان القارة الأصليون وهم سكان الغابات في الأساس والذين تعايشوا منذ القديم مع ممارسة هذه الطقوس ربما للتغلب على قوى الطبيعة وحيوانات الغابة والأنهار الخطيرة ومن شأن ذلك أن يخفف وحشة العيش في الأدغال ومخاطره. ومن المفترض أن مثل هذه العادات قد انقرض وبقي التعبير عنها كطقوس تراثية تم تجاوزها بسبب الحداثة كما حصل في كل بقاع الأرض. إنما إعادتها إلى الواجهة كحالة راهنة وتبنيها رسميا في مجتمع متنوع المشارب والمعتقدات والأديان يجعلنا نتفكر في تحليل هذه الظاهرة وانعكاساتها على السلوك الجمعي ومدى تأثر الناس فيها حيث ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي بترسيخها ضمن المجتمع الفنزولاني بشكل كبير مع وجود جذور تراثية لهذه الطقوس وتقبل من شريحة واسعة لها وكأن هناك رعاية رسمية لها أو لإعادة إحيائها مع أن ظاهرة الأموات الأحياء جديدة نسبيا في كل العالم إنما تختلف المجتمعات بمدى التأثر فيها بحيث اكتفت بعض الدول في العالم باعتبارها مادة سينمائية فقط في الوقت ذاته وفي دول أخرى أدت دورا واضحا في حرف المجتمع نحو الايمان بها خاصة في المجتمعات متنوعة الأديان والمذاهب والتي تضمن حرية المعتقد للشعب.
وإذا ما أجرينا مقارنة بين محتويات صالات المتاحف السورية وخاصة في أجنحة الفن الحديث فلا نجد مثل هذه المواد يمكن عرضها لعدة أسباب: منها الثقافة المجتمعية السورية والانتماءات العقائدية الرافضة لها ثم المعايير التي تفرضها الدولة على نشر مثل هذه الثقافة أو تبنيها رسميا. بينما نجد في متحف الثقافة في فنزويلا تبني رسمي لهذه الظواهر واعتبارها مادة فنية وربما دينية عند بعض الفئات من منطلق حرية وتنوع المعتقدات وعدم فرض القيود والمحددات والمعايير من الجهات الرسمية.