المقاومة تنتصر في الميدان.. هل تهزم بالحرب السرية الاغتيالات والضربات المنتقاة؟!!
السيد حسن نصرالله؛ نحولها الى حرب استنزاف لتحرير فلسطين من النهر الى البحر…
بيروت؛ ٦/١/٢٠٢٤
ميخائيل عوض
اغتالت اسرائيل العاروري في الضاحية الجنوبية، والقائد في قوة القدس رضي موسوي في دمشق.
وضرب الارهاب في كرمان بإيران. واستهدفت البحرية الامريكية زوارق حوثية وقتلت عشرة من جنودها.
اغتالت امريكا في بغداد قادة من فصائل المقاومة من الحشد الشعبي.
عاصفة من التصريحات والتعليقات غالبها قرر ان امريكا واسرائيل بدأتا هجوما مضادا. وان المقاومة مخترقة وعاجزة عن تامين قادتها. وذهب البعض لاعتبارها في حالة ضعف كمقدمة لاحتمال هزيمتها، وبانها عاجزة عن الرد بالمثل واكثر.
علوم الجيوش والحروب تتعامل مع الحرب السرية على ثلاث مستويات؛ الاول؛ بانها جارية دوما بين الاعداء، وهي فرع للحرب بوتيرة منخفضة جدا. ثانيا؛ تشتد وتكون في مراحل التمهيد للحرب الصدامية، وثالثا؛ هي اعمال تكتيكية مساعدة اثناء الحرب الصدامية.
اذن؛ ان تغتال اسرائيل في لبنان قائد لحماس وفي دمشق قائدا لقوة القدس وامريكا في بغداد قادة فصائل وتدمر زوارق يمنية في حالة اشتباك امر عادي جدا ولا يعتبر تحولا نوعيا في الحرب وموازينها ونتائجها.
ان تلوذ اسرائيل بعد ثلاثة اشهر من حربها العاصفة على غزة والمنضبطة مع لبنان الى الاغتيالات وتتعامل معها انها انجاز كبير يغير من مسارات الحرب انما هو كلام للاستهلاك الاعلامي والتعويض عن العجز والخسائر والهزائم في الميدان. ولا يعتبر البتة امر نوعي او تطوير او مؤشرات لهجوم مضاد قد يغير من التوازنات والمسارات.
فأمريكا في العراق حاكمة تنحكم وتحكم وتستطيع ما شاءت وليس الاغتيال بأمر يعزز سيطرتها او يقربها من حسم الصراع وانتزاع انتصار.
على الضفة المقاومة؛ ان تخسر قادة وتعوضهم سريعا فهذه من صفاتها وقدراتها ومن عمق تجربتها والقادة الجدد نجحوا وطورا نوعيا ولم تتأثر او ترتدع او تتراجع.
والمنطقي ان اسرائيل قادرة على تنفيذ اغتيالات في سورية ولبنان حيث ومتى ومن شاءت، ولم يكن يردعها الا قواعد الاشتباك وقد اسقطتها المقاومة جميعا وزادت. وترسم قواعد اشتباك جديدة ونوعية جدا، كما عرضها السيد نصرالله في خطابه الاخير.
المؤشر الوحيد من العودة للحرب السرية التي نشطت اخيرا، هو ترهل عقل المقاومة وبعض اجهزتها وعدم تفعيل خبراتها الامنية والاحترازية. واستمرت على تقاليدها وفي مكاتبها مطمئنة لقواعد اشتباك سبق ان طحنتها وكسرتها هي عن سبق تصور وتصميم ولغايات استراتيجية. فليس من جديد نوعي ولا مؤشرات عن تغير التوازنات ومسارات الحرب الجارية الصدامية والكبرى والاقليمية والتي توحدت فيها الساحات والجبهات ومازالت يد المقاومة هي العليا في كل الجبهات والمسارح والاهم في الميدان حيث تقرر مسارات ونواتج الحروب والانتصارات.
والمقاومة بفصائلها ودولها وبطابعها النوعي والجديد ليست ملزمة بالرد كما يرغبه المتسرعون والعاملون بردود الفعل والهوبره والعنتريات.
الحرب الصدامية والجارية بصفتها إقليمية مغيرة نوعيا في مستقبل العرب والاقليم والعالم، تجب الحرب السرية، وتجعل منها ثانوية وتكتيكية ولا تغير في المعطيات، وتخوضها كفرع وليست كأصل وتقرر وتختار اهدافها وردها في سياق ما تسعى اليه من الحرب وتستثمر في الاغتيالات والتفجيرات الارهابية لتعزيز وتطوير جهدها وعملها التكتيكي لإنفاذ رؤيتها واهدافها الاستراتيجية.
والمنطقي التعامل مع الاغتيالات على انها دليل ومؤشر على هزيمة اسرائيل وامريكا اللتان تتراجعان وتعجزان في الميادين فتحاولان التعويض بأعمال هدفها استعراضي اعلامي للتغطية على عجزهما ورهابهما من الاتي في المستقبل وفي مستقبل الحرب ونواتجها التي ستكون فرط استراتيجية.
وقد يكون هدفها استعجال التفاوض لوقف الحرب الخاسرة.
بكل حال؛ يسجل للمقاومة حكمتها وحنكتها وهدوء اعصابها وادارتها للحرب وللرد على الاغتيالات بطريقة واستهدافات نوعية منها؛
– انها لم تتعامل بذعر او برد فعل عشوائي.
– استثمرت في الاغتيالات وطورت رؤيتها للحرب واستهدافاتها الاستراتيجية واعلنها السيد بتقانته ولسانه الذهب؛
الحرب اصبحت مفتوحة لا ضوابط فيها او خطوط حمر او قيود.
الحرب طويلة ونحولها الى استنزافية وغايتها اسناد ودعم غزة واشغال الاسرائيلي وزيادة انهاكه وتدمير قوته وقدراته واول الغيث بيان رقم ١ اليوم باستهداف قاعدة القيادة الجوية في جبل ميرون ب٦٢ صاروخا وهو بداية الغيث.
الاشتباك في العراق مع امريكا مستمر ويتطور على كل المستويات فقد حانت لحظة تصفية الوجود الامريكي وهزيمته وفي ذلك ثأرا للقادة الذين اغتيلوا وللقائد قاسم سليماني في ذكراه الرابعة وللقائد رضي موسوي ولن تقبل المقاومة اقل من تصفية الوجود الامريكي في العراق وحتما في سورية. وقد وسعت المقاومة الاستهدافات وبدأت تدك اهمها قاعدة التنف.
ومادام الاسرائيلي تجرأ على بيروت والضاحية فالرد باستكمال تحرير الاراضي والنقاط المحتلة، واكثر من ذلك وضع قواعد وضوابط جديدة فممنوع على اسرائيل الاعتداءات على السيادة البحرية والجوية، اما الحديث عن تهدئة في الجنوب والتعامل مع العروض المجزية لهوكشتاين وصحبه فالتعامل معها يكون بعد انتصار غزة وانتصار غزة هو المفتاح الذهبي والسحري لاستمرار الاشتباك حتى تحرير فلسطين من البحر الى النهر وعندها لن يلزم لبنان وسطاء ووفود ووعود واغراءات.
هكذا بدا الرد على عمليات تكتيكية برفع وتيرة الاشتباك ومد زمنه وجعلها حرب استنزاف مستمرة قد تتغير مسارحها وساحاتها حتى تحقيق الاهداف الاستراتيجية.
فهي عينها الحرب الكبرى التي كان قد اخبرنا عنها السيد نصرالله وعرفها بحرب تحرير فلسطين من النهر الى البحر…
هذا رد محكم.. ان كنتم تستوعبون وتعقلون.
هنيئا للمقاومة قادتها وشهدائها…
فالدم المسفوك ثمنه ومكافاته تحرير فلسطين وتصفية الوجود الامريكي وتعظيم مكانة محور المقاومة وخاصة اليمن الذي اصبح لاعبا اقليميا كبيرا.
وتجري الايام وتتمظهر الانتصارات وتتراكم حتى بلوغ الاهداف التي من اجلها استشهد القاعدة وقتل الاطفال والنساء ودمر العمران فقد دنت الساعة والوعد انجاز التحرير الكامل.