اليمن وحصار اسرائيل البحري في القانون الدولي
أحلام بيضون
الحصار البحري الذي فرضه الحوثيون على إسرائيل هو موضوع دولي بامتياز، ليس من حيث انعكاساته فحسب، إنما من حيث انطباق القانون الدولي عليه.
فماذا في الوقائع؟
وما هو حكم القانون الدولي؟
١- الحصار البحري ضد إسرائيل في الوقائع احتجز الحوثيون أول سفينة تعود ملكيتها لإسرائيلي في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٣.
وأعلنوا أنهم لن يسمحوا للسفن العائدة لإسرائيل بالابحار عبر باب المندب وبحر العرب، كجواب على العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
تكتم العدو حول ملكية السفينة، وبدء الكلام عن حرية الملاحة البحرية. غير أن القوات اليمنية، لم تأبه واستمرت في تنفيذ واجبها واحتحزت من جديد سفينة إسرائيلية.
وصرح الناطق باسمها، أن اليمن اتخذت تلك الخطوة كرد على ما يحصل في غزة من حصار وتجويع وجرائم ضد الانسانية، وأن ذلك لن ينتهي قبل إنهاء الحرب ضد الشعب الفلسطيني. ؤأعلنت اليمن في الوقت عينه ان تلك الاجراءات تطال فقط السفن الإسرائيلبية، بينما تبقى حرية الملاحة متاحة لباقي السفن لأي بلد عادت. حين أعلنت الهدنة بين إسرائيل وحماس، جمد الحوثيون نشاطهم. وحين اشتد العدوان، وفي ظل تعطيل مجلس الأمن ومنعه من ممارسة مهمته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، بسبب لجوء الإدارة الأميركية لاستخدام حق النقص الفيو، في تواطؤ علني مع العدوان الاسرائيلي، وإمعانا في العدوان والإجرام ضد الشعب الفلسطيني، صعد اليمنيون من خطواتهم، فأعلنوا أنهم لن يسمحوا بالملاحة لأي سفينة مهما كانت جنسيتها تكون متجهة إلى إسرائيل وربطوا ذلك بالسماح بإدخال الغذاء والماء إلى الشعب الفلسطيني في غزة . تحركت إسرائيل على حياء تجاه ما يحصل في باب المندب، والسبب الراجح أنها لا تريد فتح جبهات، والدليل أن مسؤوليها صرحوا بأنهم سيتركون أمر معالجة الأزمة للحلفاء، فهي تفضل الاستفراد بالفلسطينيين. بقيت الدول الكبرى صامتة، بينما صدرت أصوات من هنا وهناك حول حرية الملاحة البحرية، وأن الموضوع لا يتعلق فقط بإسرائيل. فما هو موقف القانون الدولي من ذلك؟
٢- الحصار البحري ضد إسرائيل في القانون.صحيح أن اتفاقية البحار الدولية لعام ١٩٨٢، تفرض حرية الملاحة السلمية لجميع الدول في المضائق الدولية، ولكن الصحيح أيضا أن ما قامت به اليمن ضد السفن الإسرائلية وضد السفن غير الإسرائيلية المتجهة إلى إسرائيل، يخضع للقانون الدولي بشكل عام، وينطبق عليه ما ينطبق على أي إجراء يتخذ ضد دولة معتدية. فما معنى ذلك؟
فرص ميثاق الأمم المتحدة عدم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية، وجرم العدوان، بشكل عام، فكيف إذا كان هذا العدوان قد تمييز باقتراف أبشع الجرائم، بدءا بالتجويع ومنع دخول الغذاء ومواد الطاقة والأدوية، مرورا بتدمير كل المرافق الحياتية، وصولا إلى تدمير المنازل على رووس ساكنيها، وتقتيل الأطفال والنساء والشيوخ بلا رحمة. الميثاق الذي يحظر العدوان تضمن وسائل لوضع حد له، عن طريق مجلس الأمن الذي يجب أن يجتمع فورا، ويتخذ قرارا يفرض على المعتدي وقف عدوانه فورا، فإذا لم يمتثل تفرض إجراءات فورية ضده، وفق الفصل السادس، وتتمثل بعقوبات اقتصادية، حيث يتوجب على الدول ان تفرض حصارا على الدولة المعتدية، فإذا لم ترتدع، تفرض عليها تدابير وفق الفصل السابع، تتضمن هذه المرة إحراءات عسكرية ترمي إلى لجم العدوان. تفرض الإحراءات العقابية والردعية المذكورة، بناء على المادة ٥١ من الميثاق، التي تكرس حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن النفس. تمٌ تعطيل مجلس الأمن أكثر من مرة من قبل الولايات المتحده الأمركية، ومنع من اتخاذ قرار يفرض على الدولة المعادية أي إسرائيل وقف العدوان، حتى حين لجأ الأمين العام للأمم المتحدة إلى استخدام المادة ٩٩ التي تلفت انتباه المجلس إلى أن الفعل المرتكب يشكل عدوانا يهدد الأمن والسلم الدوليين.انطلاقا مما تقدم، يعتبر الإجراء الذي اتخذته اليمن وتفردت فيه، هو إلتزام من جانبها بالقانون الدولي الذي يفرض منع العدوان بالقوة، ويفرض تضامن كل أعضاء، والتي تخلت للأسف عن واجبها.
لقد كان لدى اليمن الشجاعة بأن يقف مع الحق والقانون وينفرد بخطوته تلك، بينما استقالت الدول الباقية عن واجبها بما فيها الدول العربية الباقية، والدول الإسلامية بالدرجة الأولى، وأيضا تلك الدول الليبرالية التي طوشت العالم بالكلام عن القانون وحقوق الإنسان.
أحلام بيضون
بيروت، في ١١/١٢/٢٠٢٣