من الشرق إلى الشرق.
*الحلقة الأولى
زيارة رئيس دولة هي (آخر نقطة في الشرق) إلى دولة هي (أول نقطة في الشرق) لها دلالات استراتيجية أبعد من كونها زيارة.
و لكن لماذا سوريا هي آخر دولة في الشرق (جغرافيا) و ما أهمية ذلك اقتصاديا؟
لماذا سوريا و ليس تركيا أو (الكيان الإسرائيلي) أو لبنان؟
1- هناك تبديلات عميقة تاريخية من نوع التبدلات التي تحدث كل 200 سنة مرة واحدة و هي انتقال الثقل الاستراتيجي للبشرية من مكان إلى آخر
2- التبدل الحالي هو بداية سيطرة آسيا (الصين الهند روسيا…) على العالم ضمن عدة مشاريع كبرى
3- في هذه السيطرة لن تكون هناك قطيعة مع الغرب أو أفريقيا أو أمريكا الجنوبية بل علاقات متبادلة
4- المشروع الصيني الكبير الحزام و الطريق و المشروع الهندي ليسا متنافسين كما يظهر للبعض بل جزء من استراتيجية كبرى رحبت بها روسيا
5- تحتاج كل هذه المشاريع لبوابة (مرسى/اطلالة) على الجزء الآخر من العالم و سوف يكون الصراع الدولي كبيرا للسيطرة على الطرق اللوجستية للبحر الأبيض المتوسط قلب العالم.. (و هنا مربط الفرس)
6- الساحل الشرقي للمتوسط هو (الهايبر) الذي سيكون خلاصة تراكم المشاريع و المنتجات و الخدمات كمنصة جيواقتصادية شبه وحيدة
بعد هذه المقدمات و الارتكازات كيف يمكن الاستنتاج بأن سوريا ستكون آخر نقطة و بالتالي المنصة..؟
1- تركيا لديها عدة مشاريع متباينة مع المشروع الشرقي… حيث تسعى لان تكون في الاتحاد الأوروبي و هي جزء من الناتو (الخطر الاكبر على روسيا و الصين) و لديها مشروع تركيا الكبرى الذي يشكل خطر على الصين (الايغور) و على روسيا (القفقاز) و هي و ان استطاعت ان تبني علاقات مع روسيا و الصين لكنها تفتقد للثقة المطلقة من قبل هذه الدول ان تكون الحارس الأمين على مخرجات المشروع
2- الكيان الإسرائيلي و على الرغم من محاولات التطبيع العربي و المشروع الهندي لكنها ليست قادرة ان تكون حامل (للمتطلبات الكبرى التي تقتضيها نظرية آخر نقطة في الشرق)
3- لبنان… غير قادر اطلاقا لأسباب يعرفها الجميع
4- سوريا تشكل الفرصة المميزة لاتمام سلسلة القيم التي يتطلبها اقفال منظومة التراكم الاقتصادي باتجاه أوروبا أفريقيا و إلى حد كبير أمريكا الجنوبية و حتى الشمالية
لوحظ انه و خلال الحرب لم تكن سوريا ضمن مشروع الحزام و الطريق لأسباب أمنية و لكن ذات الأسباب أعطت سورية ميزة من خلال الحرب ضد الإرهاب ضد جماعات تنتمي إلى مناطق في الصين و روسيا…
إذن….
العوامل الطبيعية و حساسية الموقع و طبيعة الصراع و الخلفية التاريخية كون سوريا الحامل الحضاري الاهم لأكبر المشاريع تاريخيا (المسيحية و الإسلام) أدت إلى أن تكون لدينا الفرصة المميزة التاريخية لنكون (النقطة الأخيرة في مشاريع الشرق)
يتبع لاحقا
الحلقة الثانية
ما هي الشروط و المتطلبات الاقتصادية التي يتوجبها تحقيقها سورياً لتكون (النقطة الأخيرة في الشرق)
شادي أحمد