مقالات

القواعد الامريكية والامن القومي العربي

بقلم الكاتب العربي الاردني
فؤاد دبور
يتمثل الأمن القومي العربي في قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وأرضها وحقوقها وثرواتها وصيانة استقلالها وسيادتها وامتلاكها لقرارها المستقل، مثلما يتمثل أيضا في تنمية قدراتها في مختلف المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والحفاظ على الأمن الوطني لكل قطر عربي، حيث يقوم كل قطر عربي ببناء قدراته اللازمة لصيانة أمنه بإمكاناته الذاتية أو بالتعاون مع أقطار الوطن العربي الأخرى لان الأمن الوطني يتكامل مع الأمن القومي ويتم ذلك عبر التنسيق والتماسك والتوحد وبناء القدرات الضرورية واللازمة للدفاع عن الوطن والأمة، في مواجهة الأعداء الذين يستهدفون أمنها وأرضها وثرواتها وسيادتها واستقلالها ويأتي في المقدمة من هؤلاء الأعداء كل من الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب لأراض عربية في فلسطين وسورية ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية التي تستهدف الأمة العربية لتحقيق أهدافها في الاستيلاء على ثرواتها بعامة والثروة النفطية بشكل خاص وكذلك حماية امن الكيان الصهيوني وإمداده بكل أنواع واشكال الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي. الذي تمثل اخيراً باعلان الرئيس الامريكي رونالد ترامب بالقدس عاصمة للصهاينة ثم استخدم حق النقض “الفيتو” للحفاظ على هذا الاعلان متحدياً المجتمع الدولي.
ومن اجل تحقيق هذه الأهداف وغيرها أقامت الولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية لها في العديد من أقطار الوطن العربي وبخاصة تلك التي في باطن أرضها الثروة النفطية مثلما دفعت بأساطيلها البحرية في مياه هذه المنطقة وبخاصة البحر الاحمر والخليج العربي، وكذلك في البحر الأبيض المتوسط لحماية مصالحها وتوفير الحماية لأمن الكيان الصهيوني، وهذه الايام تتواجد احتلالا في شمال سورية بذريعة الارهاب الذي صنعته لاستهداف سورية العربية واقطار عربية اخرى. مما يجعل لهذا التواجد العسكري الأمريكي تأثيرات سلبية وخطيرة على امن سورية والأمن القومي العربي سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة خاصة في حال نشوب صراع بين دول المنطقة أو مع قوى دولية أخرى تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية تشكل تهديدا لمصالحها كما هو الحال في الحرب الاوكرانية، حيث يتم استخدام ارض القطر العربي السوري في هذا الصراع وتعريض أمنه إلى مخاطر كبيرة لا مصلحة له فيها ويشكل تأثيرات كبيرة مع الدول الأخرى مثلما يتأثر اقتصاديا وتجاريا وسياسيا إضافة إلى استنزاف طاقاته وموارده خاصة عندما يتحمل تبعات هذا الصراع بكل ابعادها.
كما يلقي التواجد العسكري والنفوذ الأمريكي السياسي والاقتصادي بظلال سوداء على الأقطار العربية حيث عملت وتعمل الإدارات الأمريكية على خلق صراعات داخل القطر العربي الواحد. مثلما استخدمت وتستخدم، ما دامت متواجدة عسكريا على الأرض العربية قواعدها العسكرية لمواجهة أقطار عربية تستهدفها بسياساتها وأمنها مثلما حصل عند غزو العراق (آذار عام 2003م)، ومثلما يحصل الآن في استهداف الدولة السورية من القواعد الامريكية المحتلة لمساحات من الارض السورية من الشمال الشرقي حتى الجنوب الشرقي.
وفيما يتعلق بسورية فالدعم الأمريكي في التدريب والتسليح للإرهابيين الذين استهدفوا سورية يتم من خلال التواجد العسكري الأمريكي أو النفوذ الأمريكي حيث الدعم بمليارات الدولارات للعصابات الإرهابية التي تستهدف الدولة السورية لصالح العدو الصهيوني والمشاريع الأمريكية في المنطقة.
كما يؤثر التواجد الأمريكي العسكري في أقطار عربية على المشروع النهضوي العربي والحيلولة دون توجه العرب نحو بناء موقفهم القومي الواحد للحفاظ على مصالحهم الوطنية والقومية ومواجهة الأعداء الذين يهددون أمنهم وأرضهم وثرواتهم.
ولا يمكن ان نتجاوز تأثيرات الوجود والنفوذ العسكري الأمريكي فيما يتعلق بالقضية المركزية للأمة العربية، قضية فلسطين وشعبها.
بمعنى ان الوطن العربي والأمة العربية قد عانت ، وما تزال، من الوجود العسكري الأجنبي بعامة والأمريكي بشكل خاص ودفعت، ولا تزال، أثمانا باهظة بسبب هذا التواجد بشرية ومادية واقتصادية، ولحقت بها أفدح الخسائر والأضرار ولن يتحقق للعرب الأمن والاستقرار والقوة والقدرة على التحكم بثرواتهم واستعادة أرضهم المسلوبة، والحفاظ على أمنهم وسيادتهم ما دام الوجود الأمريكي العسكري وكذلك النفوذ السياسي والاقتصادي يحتل ويتسلط على ارض عربية وعليه فإن من الضرورات الحتمية العمل على إزالة هذا الوجود والنفوذ ومواجهة أخطاره وتداعياته على الأمة العربية، ويتم ذلك عبر بناء الموقف العربي الواحد والتنسيق العربي المشترك وتعبئة الطاقات والقدرات العربية وتوظيفها في الدفاع عن امن الأمة وحماية مصالحها.
وتتطلب المواجهة مع الوجود الأمريكي وكذلك الوجود الصهيوني الاحلالي الاستعماري تعزيز العلاقات بين الأحزاب والمنظمات الشعبية العربية المخلصة لأمتها ووطنها وقيامها بالضغط على الأنظمة الحاكمة لإزالة القواعد الأمريكية والتخلص من النفوذ الأمريكي والحيلولة بينها وبين انخراطها في تحالفات تصنعها وتقودها الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف بشكل خاص أقطار عربية سورية، العراق ، فلسطين وغيرها من أقطار الوطن العربي. حيث تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية هذه التحالفات للنيل من امن هذه الأقطار تحقيقا لمصالحها ومصالح العدو الصهيوني.
ويتوجب علينا ان نتوقف عند مجريات الاحداث التي تستهدف سورية هذه الايام من حصار ظالم، وضغوط على الاقتصاد وتأثيرات هذه الضغوط على عيش المواطن، كما تلقى احتلالات مناطق النفط والغاز وسرقته بظلال سوداء قاسية على الوطن والمواطن والاقتصاد والليرة السورية. رغم ذلك فإن الشعب العربي السوري يواجه هذه الاجراءات الظالمة بالصبر والتحمل لإدراكه هدف هذه القوى المعادية، امريكيا وتركيا، طبعا وصهيونيا، وعصابات ارهابية. للنيل من الدولة السورية، فشلوا من تحقيق هدفهم عسكريا يحاولون تحقيق هذا الهدف بالحصار والضغوط الاقتصادية بإرادة الشعب ووحدته الوطنية ووعي قيادته وجيشه سوف تفشل هذه الاجراءات رغم تداعياتها السلبية القاسية على الوطن والمواطن.
فـــؤاد دبـــور
21/8/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى