مقالات

 ٧/…يا حيف … سورية وشعوب المقاومة تجوع ….اين السر؟ ومن المسؤول؟

  بيروت؛ ٣/٩/٢٠٢٣

ميخائيل عوض

في الواقع ومجرياته؛طالت الحرب واستهلكت ودائع السورين، والمنظومة في لبنان شفطت مليارات الدولارات السورية المودعة في القطاع المصرفي، واستنزفت احتياطات الدولة التي كانت مجزية، ونهبت المعامل ودمرت البنى التحتية وفقدت سورية كتلة اساسية من قوتها المنتجة وكوادرها المتعلمة والمهنية، بالحرب او بالهجرة، وهجرها الصناعيون والتجار ورجال الاعمال والمهنيين العريقين. وتعطلت دورتها الاقتصادية وتقطعت اوصالها، واحتلت ونهبت مناطق الثروات المائية والزراعية والنفطية، وتراجع الانتاج في شتى القطاعات وتعطلت القطاعات الخدمية التي ساقتها اليها الليبرالية في الحقبة الدردرية” والقطاعات الخدمية لا تتناسب مع خيار المقاومة ولا تؤمنه” وبيع او تمت تصفية القطاع العام الانتاجي بينما تضخم قطاعها العام الطفيلي. وزاد ترهل الدولة والمؤسسات واصلا هي مصابة بالشيخوخة وتقادم تشكيلاتها وادائها ومتضخمة، وكتخمة بالبطالة المقنعة، وتبطش فيها البيروقراطية والفساد، وبلغ العاملين مع الدولة وغير المنتجين اكثر من مليون وثمانمائة موظف ومتعاقد والمؤسسة العسكرية وملحقاتها قريبة من هذا العدد.١٢ عاما من الحرب والاستنزاف والتدمير الممنهج لقطاعات الاقتصاد وتقطيع الاوصال والعدد المهول للحواجز العسكرية بمبرر وبلا مبرر عسكري او امني، وبتدمير سكك الحديد وخطوط النقل ونقل الطاقة، زادت الكارثة والازمات مفاعيل واثقال على الدولة والاقتصاد والمواطنين على اختلافهم، وادت التطورات برمتها الى سحق الطبقة الوسطى، وزياده مناسيب الفقر، والفقر المدقع بحسب الارقام والتقارير المتداولة اكثر من ٩٢ %…في حال سورية ينطبق عليها وصفة الكارثة بكل ابعادها ومجالاتها، ولو اصيبت بما اصاب سورية امبراطورية عاتية ومترامية الاطراف لجاعت ومرضت وانهارت. كيف ولماذا صمدت سورية ومازالت تقاتل هذه من جعبة اسرارها وخزائنها وقد اصبح نموذجها نطاق دراسات الجامعات ومراكز الابحاث العالمية والسؤال كيف استمرت الدولة بتمويل موظفيها وتامين الحاجات الماسة بما تيسر وتأمن…السؤال الان هذه السورية السر والمعجزة وبعد كل ما جرى هل مازالت قادرة على الصمود ام بلغت حد الجوع والانهيار، ويزيد من إلحاحيه السؤال ما تشهده محافظتي درعا والسويداء من توترات وتحركات ردا على قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات والسلع، وقد اعلن القرار بعد صدور مرسوم مضاعفة الرواتب والاجور وترافق مع سعار ارتفاعات فلكية لأسعار الحاجات وكلفة الحياة ومع انهيار للعملة الوطنية.يضاف ان حملات اعلامية وتهويلية عن حشود امريكية اطلسية حربية ترافقت مع التطورات وكثير من التسريبات عن قرار امريكي بإقفال الحدود السورية العراقية وبانتزاع محافظات الجنوب والغرب من سورية في اطار هجوم امريكي معاكس لإسقاط سورية وتفتيتها، وقطع طريق دمشق بيرت بغداد ومحاصرة روسيا في سورية وواد مشروع الطريق والحزام الصيني، تمهيدا لتصفية محور المقاومة وتدمير ايران.في الجاري واقعيا  وفي العالم الافتراضي تبدو الامور اكثر من كارثية واعمق من عصيبة وعصية عن الاحتواء والمعالجة غير ان الحق يقال هذه سورية وقد عجز الكل عن فهمها وفك طلاسمها وفي هذه الحرب والازمات فاجأت الجميع الاصدقاء قبل العداء والسؤال لماذا لا تفعلها ثانية ومن بوابة الحال الاقتصادية المزرية فتصيغ وتقدم نموذجا مفاجئا…؟؟هل  تملك من قدرات وفرص؟؟ واين وكيف تجسدت مكامن الازمة ومسببات حالة الاستعصاء البادية؛في الواقع والمعطيات الموضوعية، تبدو الحرب ومثالبها وطول مدتها ومسارحها وفروع الحرب التي اختبرت سببا رئيسيا لما هي علية سورية، وزاد في الطنبور نغما عدوان الحصار وقانون قيصر واخواته، والعقوبات والاخطر منها انضباط لبنان والعراق المفترض انهما في قلب المحور، والمشاركة في فرض الحصار وتطبيق الاوامر والاملاءات الامريكية دون امتناع او مقاومة وحتى بلا محاولات لكسر الحصار في الواقع وخلسة، وفي المعطيات السياسات والادارة التي تمكنت من سورية مع حقبة الحريرية في لبنان ومكملتها الدردرية في سورية وخلالها تمت تصفية القطاع العام الإنتاجي وتدمير القطاع الزراعي والصناعي، والصناعات المهنية والورشات العائلية، وفتحت سورية للأسواق التركية والعربية، وهيمن قطاع التجار، الوسطاء والوكلاء للخارج، وتم تطبيق شروط الشراكة الاوروبية قبل ودون توقيعها وخلسة عن الرئيس والقيادة كما طبقت وصايا صندوق النقد دون نقاش او عرضها وتبنيها، والانكى تمت تصفية مخزون القمح والغذاء بذرائع واهية، وعوملت منطقة شرق الفرات والثروات النفطية والغازية والمعدنية بتجاهل وازدراء. وسوقت نظريات ان ابار النفط والغاز استنفذت واصبحت كلفتها اكثر من جدواها، وكان الامور جرت تساوقا مع خطط استهداف تأهيل سورية للفوضى والحرب العالمية العظمى التي فرضت عليها. والحق يقال ان ليس بالضرورة ان تكون مؤامرة مقصودة، وغالبا كانت ابتلاء بفعل سيادة الليبرالية ونهج الاقتصاد الحر استدرجت اليه سورية خلسة وبقوة الموجه وبغياب النماذج العالمية المختلفة والقاطرة، وكل ما يؤخذ على سورية وحقبتها تلك انها لم تنتج نموذجها الخاص برغم ما بذلته القيادة من محاولات ودراسات للتجارب وسعي محموم لاستخلاص الدروس والعبر وتفصيل نموذج سوري لم توفق اليه.ومن الاسباب العميقة والموضوعية، ضياع الهوية السورية للاقتصاد والدولة ووظائفها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وغياب القائد المؤسس حافظ الاسد. فورثت سورية دولة ثقيلة وبيروقراطية مرتع للفساد والهدر وتبديد الثروات والطاقات، والتعطيل والعطالة عن العمل والانتاج …./يتبع غدا؛ ماذا عن الاسباب الذاتية وعن السياسات والادارة الاقتصاد والاجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى