بقلم ماجدة الحاج
إشتعلت التحليلات والتكهّنات طيلة الايام الاخيرة بقرب مواجهة عسكرية بين “اسرائيل” وحزب الله على وقع سخونة التطورات التي شهدتها الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلّة، بل انّ بعض المحلّلين والخبراء العسكريين ذهبوا ابعد من ذلك في الاضاءة على تزامن “توقيت” الحراك الاميركي المستجد في شرق وشمال سورية خصوصا المناورات الاميركية في منطقة ال 55 كلم انطلاقا من قاعدة التنف التي استمرّت عدّة ايام، مع التطورات المتسارعة على الحدود اللبنانية، وبات التصويب على حراك اميركي خطير مرتقب في وجه الجيش السوري وحلفائه، وتشكيل قوس تُحاصَر من خلاله مناطق نفوذ الدولة السورية وبالتالي تحقيق هدف “قطع خطوط الامداد للمقاومة في لبنان”.. وسط انباء متسارعة لفتت الى انّ الصّدام العسكري في مناطق خطوط التماس قد يبدأ في ايّ لحظة بين ميليشيات القوات الاميركية، والقوات السوريّة وحلفائها.
وبدا الكيان “الاسرائيلي” يقرع طبول الحرب الوشيكة مع حزب الله.. وتنقل وسائل اعلامه “انّ الانطباع السّائد مؤخرا في قيادة الجيش “الاسرائيلي”، هو انّ المواجهة مع حزب الله باتت اقرب من ايّ وقت مضى”، وتذهب “القناة 12” العبرية الى التأكيد –نقلا عمّن وصفته ب “مسؤول امني كبير” الى ترجيح “اشتعال الاوضاع مع حزب الله، ودخول المنطقة في موجة تصعيد ومواجهة عسكريّة”، لتلاقيها صحيفة “يديعوت احرونوت” عبر مراسلها العسكري يوسي يهوشع، في تأكيد اقتراب المواجهة مع الحزب، معتبرا انّ امكانيّة اندلاع هذه المواجهة هي الاعلى منذ حرب تموز 2006 ..وليخلص في تقريره الى “انّ كل المؤشرات في الاروقة الأمنية والاستخباريّة تدلّل على حتميّة المواجهة القريبة مع حزب الله”..
وفيما رفعت “اسرائيل” حال التأهّب عند الحدود مع لبنان، ونشرت منظومة القبّة الحديدية في الشمال والوسط، تزامنا مع اجماع وسائل اعلام عبرية على ذكر فشل المفاوضات التي بذلتها تل ابيب مع فرنسا والولايات المتحدة والامم المتحدة للضغط على لبنان بهدف نزع خيمتَي حزب الله في مزارع شبعا، ما دفع بنيامين نتنياهو الى مغادرة اجتماع حكومته يوم الاثنين الماضي على وجه السرعة للحصول على “تحديثات امنيّة طارئة”.. طغى ترقُّب اطلالة الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في الكيان “الاسرائيلي” تحديدا، على اي حدث اخر للبناء على “رسائل” خطابه، خصوصا بُعيد الحدث الحدودي الذي تسبّب بإصابة 3 عناصر قيل إنهم ينتمون للحزب في بلدة البستان بين الناقورة وصور.
الا انّ المفاجأة كمنت بالنّبرة الهادئة التي طغت على خطاب السيّد نصرالله ليل امس الاربعاء، رغم عاصفة التوترات و”قرقعة سيوف الحرب” على الحدود، لكن في التدقيق بمضمون الخطاب “الهادىء”، لا يمكن تجاوز ما مرّره السيّد من تهديدات بالذهاب الى خيار عسكري في حال تمّ الإعتداء على خيمة الحزب في مزارع شبعا، “والتي لا نيّة لإزالتها مهما بلغت الضّغوط”، وحتى اعطى السيّد الحريّة لمقاتلي الحزب “للذهاب بعيدا” في حال تمّ هذا الاعتداء، والأمر نفسه انسحب على قرية الغجر، حيث المح الى الاستعداد “عسكريا” لأجل تحرير جزئها اللبناني..
وبذلك اقفل السيّد نصرالله كلّ الابواب امام ضغوط المفاوضات الخارجية لإزالة الخيمة، كما استحالة الصمت ازاء الاحتلال “الاسرائيلي” للبنانيّة قرية الغجر.. وعليه، ابقى السيّد على كرة النار ملتهبة في الحضن “الإسرائيلي”، ولم يُعطِ قادة تل ابيب اي فرصة لالتقاط اي اشارة تدلل على حتميّة المواجهة القريبة مع حزب الله.. من عدمها.
فهل فعلا يتجه حزبُ الله و”اسرائيل” الى مواجهة قريبة؟ وهل ستكون هذه المواجهة “اياما قتالية معدودة وفي اطار جغرافي ضيّق”؟ -تبعا لتسريبات “اسرائيلية”؟
المؤكد انّ “الحرب الكبرى” قادمة لا محالة..الا انّ السؤال يكمن في توقيتها.. والمؤكد ايضا انّ طرفَي هذه الحرب يتجهّزان لها جيدا..لكن من يبادر الى الطّلقة الأولى؟
الارجح لن تفعلها تل ابيب، كما انه لا مصلحة لحزب الله في هذا التوقيت ان يكون هو المبادر اليها.. في ظل التفاهم السعودي-الايراني، وانتفاء” الكيمياء” بين الرئيس الاميركي جو بايدن وبنيامين نتنياهو.. هل يستطيع الاخير الذهاب الى حرب في المنطقة من دون رعاية او ضوء اخضر اميركي؟.. اضف الى انّ نتنياهو يدرك جيدا انّ “المنازلة” مع حزب الله لن تكون نزهة بالنسبة لإسرائيل.. وبالتالي، قد يصحّ القول إنّ كلّ ما تمرّره “اسرائيل” من تهديدات ضدّ لبنان لا يتجاوز اطار التصعيد الكلامي والتهديد الفارغ.. الا اذا طرأ حدث امني ما عند الحدود مثلا، او بادرت “اسرائيل” للمغامرة وأساءت تقدير عواقبها.. حينها، من مواجهة قد تبدأ محدودة بين الجانبَين، لا احد يضمن حدود توسّعها..
وهو ما سبق ان حذّر منه السيّد نصرالله قادة الكيان في خطاب له بمناسبة ذكرى المقاومة والتحرير، من مغبّة ارتكاب اي حماقة او خطأ في الحسابات لأنه سيؤدي الى حرب كبرى في المنطقة-” وهي الحرب التي ستشمل كلّ الحدود، وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات الاف المقاتلين”..وخصوصا انّ فريق “المتطرّفين” في حكومة نتنياهو يريد هذه الحرب بقوّة مع حزب الله، على ان يُطلق الحزب شرارة الحرب، الأمر الذي يدركه الأخير جيدا.
واذا كانت المواجهة الكبرى مستبعدة حاليا بين “اسرائيل” وحزب الله، الا انّ ثمّة من تبنّى امكانيّة ان تسدّد “اسرائيل” “ضربات خاطفة” على اهداف في سورية ولبنان. واستنادا الى تقارير روسيّة، فإنّ الميدان السوري- خاصة في شرق وشمال سورية قد يشهد احداثا مفاجئة على خلفيّة التوتّر الشديد بين روسيا والولايات المتحدة في اوكرانيا، وترجيح حسم قرار اطلاق “عمليّة عسكرية واسعة النطاق” شمالا..
الا انّ اللافت، هو توقّف التقارير –وضمنا تقرير للكاتب الروسي ايغور سوبوتين ،عند امكانيّة ان تبادر تل ابيب الى شنّ عمليّة عسكرية في العراق على خلفيّة اختطاف “الاسرائيلية” اليزافيتا تسوركوفا!
