مقالات

تـل أبـيـب عـاجـزة والأمـيـريـكـون يـديـرون مـفـاوضـات “الـغـجـر”…

إخـلاء الـجـزء الـشـمـالـي لـقـاء “تـعـويــضات”؟

عـبـد الله قـمـح

بعد شهرين من نصب المقاومة “خيمتين” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، سلّم العدو الإسرائيلي باستحالة إزالتهما وبنفاد تهديداته.

لذلك لجأ إلى “الحلول” الدبلوماسية في محاولة منه للتعويض.

وعلم “ليبانون ديبايت” من مصادر رفيعة، أن الأميركيين يخوضون وساطة مباشرة بين بيروت وتل أبيب لمصلحة إنهاء ما أسموه “أسباب النزاع عند الحدود بين البلدين”.

وقد أوفدوا في الساعات الماضية كبير مستشاري الطاقة لدى الرئيس الأميركي، آموس هوكشتين، بصفته صاحب خبرة في التعامل مع قضايا مشابهة إلى تل أبيب، للمساهمة في “تشكيل الحل”.

ولمعاونة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، التي كانت قد بدأت حراكاً استهلته قبيل عيد الأضحى المبارك بلقاء جمعها مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تضمّن نقل رسالة.

وفي معلومات خاصة لـ”ليبانون ديبايت”، لم يسجل أي تواصل بين هوكشتين و”أصدقائه” على المقلب اللبناني، كذلك لم يتمّ وضع أي جهة لبنانية في صورة أي دور له لبنانياً، وبقي تواصله محصوراً بالسفيرة الأميركية.

وفي المعلومات إن الوساطة الاميركية بدأت على مرحلتين. في المرحلة الأولى، حملت السفيرة إلى الرئيس ميقاتي “إقتراح حل” تمثل بضمان انسحاب “إسرائيل” من الجزء الذي ضمّته حديثاً من قرية الغجر، مقابل إزالة “حزب الله” لخيمه المنصوبة قرب مزرعة بسطرة المحررة…

مع تمريرها رسالة شكلت شبه ضمانة، من أن إسرائيل لن تقدم على أي عمل حربي في المنطقة.

وبحسب المعلومات، نقلت الرسالة إلى الحزب الذي نسّق خطواته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وبين الأخير والرئيس ميقاتي.

وقد اتفق الجميع على ضرورة توحيد الموقف اللبناني واعتبار أن ما جرى تقديمه، ليس سوى “حل مجحف”، طالبين تعديل الإقتراح ليصبح “ضرورة الإنسحاب الاسرائيلي من كامل الجزء الشمالي اللبناني المحتل منذ عام 2006 والمسمّى خراج بلدة الميري”.

فجرى إبلاغ القرار إلى السفيرة الأميركية التي نقلته إلى إدارتها.
ويبدو أن الاميركيين وافقوا على اقتراح الحل، وأرسلوا هوكشتين لتسويقه في تل أبيب، وهو ما فهمه اللبنانيون من جراء تواصلهم على مستويين: السفيرة الأميركية وقيادة اليونيفيل.

ويُحكى أنه وفي حال الموافقة وبدء التنفيذ، يطالب اللبنانيون أن يكون الحل على مرحلتين:

في الأولى يتمّ العدو إنسحابه من قرية الغجر. في الثانية يبدأ النقاش حول ترسيم الحدود البرية وأهمها تقرير مصير مزارع شبعا المحتلة. ويريد لبنان نيل ضمانة أميركية لرعاية هذا المسار.

الحراك الأميركي الحاصل بموازاة نشاط لافت لقائد قوات اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو، الذي التقى على مدى أيام شخصيات مختلفة، لا يعني أن المقاومة ستقدم للعدو الإسرائيلي ما عجز عن تحصيله من خلال التهديدات العسكرية…

رغم أنها منفتحة على الحلول، طالما أنها تأتي لتحصيل مكتسبات لبنانية، ومن خلال رصد حركتها، تستغل على نحوٍ واضح ما أقدم العدو على فعله في الغجر، من أجل إرساء معادلة قوامها “تفكيك الخيم مقابل تحرير الجزء الشمالي من القرية”.

وعلى نحوٍ واضح تستفيد المقاومة من حالة العجز الإسرائيلي لإرساء أمر واقع ميداني جديد ينتج عنه “تحرير ثالث” بعد حسمها تقدماً معنوياً على حسابه.

وبنتيحته، تكون الخيم قد حققت الهدف منها، علماً أن الحزب كان في باله مجموعة أهداف، وبمجرد تأمينها يزيل الخيم.

وبناءً على الوضع الجديد، لن يكتفي الحزب بما تحقق وقد أصبحَ أمام مسار طويل سيلجأ إليه تباعاً خلال الفترة المقبلة لتحقيق مكاسب أكثر، خاصة عندما يحين توقيت فتح النقاش حول الترسيم البري.

وعلم “ليبانون ديبايت” أن قيادة “حزب الله” أبلغت المعنيين بالملف أنها تحت سقف ما تقرّره الدولة اللبنانية.

ويبدو أن التناغم حاصل بين الطرفين. إذ أن الحكومة من خلال رئيسها ووزارة الخارجية وبالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة الجيش، أبلغت أن المطلوب الإنسحاب الفوري للعدو الإسرائيلي من الجزء الشمالي المحتل من الغجر كاملاً وليس ما تمّ ضمه أخيراً من خلال السياج التقني.

هذا السقف تنشط تحته المقاومة ووضعت قدراتها في خدمته، في تكرار واضح للإستراتيجية التي جرى اتباعها أبّان الترسيم البحري من خلال مسيرات كاريش.

إلى ذلك يبدو أن “الملف” يمضي في وتيرة متسارعة مع توقعات أن تبدأ النتائج بالظهور تدريجياً.

في حال حصل، ستتزامن إزالة الخيم مع انسحاب إسرائيلي، عسكري وإداري من الجزء الشمالي من القرية.

لكن هنا تولّدت مشكلة لها علاقة بالسكان الأصليين العلويين من الأصول السورية من حملة الجنسية الإسرائيلية.

وبحسب المعلومات، يرفض هؤلاء القبول بالأمر الواقع الجديد تحت السيادة اللبنانية أو ترك منازلهم بصرف النظر عن تأمين البديل لهم.

ويعود ذلك إلى أسباب شتى تختلط بين ما هو عائلي وتجاري. وقد جرى وضع الجانب اللبناني في صورة ما يحصل.

وتبادرت إلى “ليبانون ديبايت” معلومات عن اجتماعات لبنانية رسمية وأخرى مع الجيش حصلت وتحصل من أجل إيجاد حلٍ لهذه المعضلة، التي قد يستغلها العدو الإسرائيلي لتأخير إنجاز الحل المقترح أو تعزيز موقعه في التفاوض.

إيجاد حلٍ لهذه النقطة ضروري جداً. وثمة اقتراح تردد صداه أخيراً خلال النقاشات، يتناول ما سيقدمه الجانب اللبناني إلى سكان الجزء الشمالي من الغجر مقابل إخلاء منازلهم؟

وفُهم أن المقصود نيل التزام من الدولة اللبنانية لتسديد “تعويضات للسكان”، في سيناريو شبيه بـ”التعويضات” التي يسعى العدو إلى نيلها من لبنان لقاء تخلّيه عن الجزء الجنوبي من حقل “قانا” المحتمل.

هذا العنصر يبرع العدو فيه، ويراهن على إقحام السكان في مواجهة مع الدولة ومن خلفها المقاومة.

ولاحقاً ومع احتمال تحريره، سيتوسّع النقاش حيال وضعية هذا الجزء إدارياً وشكل تابعيته التقنية ، وكيف ستقوم الدولة اللبنانية بإدارته طالما أنها تطلب حضوراً رسمياً فيه.

وهذا الشكل يتطلب ظهوراً علنياً، من خلال وضع معبر حدودي تحت إشراف الأمن العام، وإقامة مخفر، ومركز للمخابرات، وتأمين الخدمات اللوجستية من مياه وهاتف وكهرباء وصرف صحي وهي أمور يجري التشاور حولها في دولة لا قدرة لديها على صيانة طريق عام!

كذلك ثمة معضلة تتمثل باحتمال بقاء “غجريين” في منازلهم، وهي نظرية لا بدّ من درسها استباقاً لأي أمر. وفي حال حصل، يجب على الدولة حسم كيفية تعاطيها مع “مواطنين” يحملون الجنسية الإسرائيلية، وكيف ستؤمن عبور هؤلاء إلى القسم الآخر لإجراء زيارات ذات طابع عائلي وبالعكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى