مقالات

من هو الأخطر على أمن أوروبا واستقرارها؟!!

الإرهاب الإسلامي السنّي أم عُنصريّة و”فتنويّة” وزير الداخليّة الفرنسي؟ ومنْ الذي ارتكب المجازر وقتل أكثر من 5 ملايين شهيد في الجزائر ومِئات الآلاف في شِمال إفريقيا؟ ولماذا اعتذرت فرنسا لجميع ضحاياها باستِثناء العرب والمُسلمين؟

لا نعرف لماذا تتفرّد فرنسا، وتبزّ مُعظم الدول الأوروبيّة، إن لم يكن كلّها، في عدائها للإسلام والمُسلمين، وتُغلّف هذا العداء بادّعاء رعاية حُريّة التعبير وهي التي تدّعي التسامح، وتقول إنها مصدر إشعاع حضاري وثقافي في العالم.

بعد الرّسوم الكارتونيّة الاستفزازيّة المُسيئة والمُتطاولة على الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وبعد لعب دور بارز في تدمير ليبيا وسورية، يخرج علينا جيرالد دار مانان وزير الداخليّة الفرنسيّ بتصريحاتٍ “مُقززة” تنضح عُنصريّةً، أثناء زيارته الرسميّة للولايات المتحدة، عندما أكّد لمُضيفيه “أن الإرهاب الإسلامي السنّي هو التّهديد الأبرز لأوروبا الذي يجب أن نتعاون مع الولايات المتحدة وأجهزتها الأمنيّة لمُكافحته”.

هذه التّصريحات التي تفتقد للحدّ الأدنى من اللّياقة، وتتناقض كُلّيًّا مع الحقائق الحاليّة والتاريخيّة، أدلى بها هذا الوزير “الدّبلوماسي” أثناء زيارته المذكورة التي قام بها لبحث التعاون الأمني المُشترك الأمريكي الفرنسي لتأمين استضافة باريس للدّورة الأوليمبيّة الصيفيّة في تمّوز (يوليو) عام 2024.

يبدو أن وزير الداخليّة الفرنسي جاهلٌ بالتاريخ ووقائعه، ويحظى بأعلى درجات الأميّة السياسيّة والأمنيّة، وإلا لما كان أدلى بمِثل هذه التّصريحات ذات الطّابع التّحريضيّ و”الفتنويّ” و”العُنصريّ” التي ستَصُبّ في مصلحة الإرهابيين ومُنظّماتهم، وتُقدّم لهم البيئة الخصبة المُلائمة، والذّخيرة الأكثر فتكًا للإقدام على عمليّاتهم الإرهابيّة ضدّ فرنسا.

وزير الداخليّة الذي من المُفترض أنه يحرص على أمن بلاده واستِقرارها، ويعمل على نجاح هذا الحدث الرّياضي الأوليمبي العالمي لا يُقدِم على إطلاق مِثل هذه التّصريحات التي لا تجرح مشاعر أكثر من خمسة ملايين مُواطن فرنسي مُسلم، وإنما ما يَقرُب من المِلياريّ مُسلم في العالم أيضًا.

إذا رجعنا الى تاريخ الإرهاب الحديث فإنّ فرنسا تحتلّ المراتب الأولى دُونَ مُنازعٍ، جنبًا إلى جنب مع أمريكا والنازيّة الألمانيّة، وربّما يُفيد تذكير وزير الداخليّة الفرنسي بأنّ بلاده ارتكبت أكبر المجازر الإرهابيّة في التّاريخ الحديث، وفي الجزائر ودول الاتّحاد المغاربي أثناء استِعمارها لهذه الدّول، وكان نصيب الجزائر وحدها أكثر من خمسة ملايين شهيد.

وما يُؤكّد جهل هذا الوزير، وحُكومته، ورئيسه الذي اختاره لهذا المنصب، أنّ الدّول الغربيّة هي التي استغلّت الإسلام السّياسي السنّي ووظّفته في مُحاربة الشيوعيّة أوّلًا، والنظام الحليف لها في أفغانستان، وحتّى في دول الربيع العربي، وربّما يُفيد لفت نظر هذا الوزير إلى حقيقةٍ مفادها أن بلاده كانت المُتصدّرة لتشكيل منظومة تحالف أصدقاء ليبيا، وبعدها سورية، والوقوف خلف قصف طائرات حلف النّاتو للأولى (ليبيا)، واستشهاد عشرات الآلاف من اللّيبيين الأبرياء، وضخّ مِئات المِليارات من الدّولارات لتدمير سورية، وتوظيف الإسلام السّياسي “السنّي” كرأس حربة في هذا المشروع التّخريبي.

نحن المُسلمين، شيعةً كُنّا أو سنّة، ضحايا إرهابكم، واحتِلالكم، ومجازركم، ونهبكم لثرواتنا لعدّة عُقود وقُرون، فمن الذي استخدم قنابل اليورانيوم المنضب والقنابل الفوسفوريّة في العِراق، ومن الذي ارتكب مجزرة العامريّة في بغداد، وفضائح التعذيب وانتهاكات حُقوق الإنسان في سجن أبو غريب، والسُّؤال الأخطر هو: من الذي قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النوويّة في اليابان، وبعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، واستِسلام اليابان.

فرنسا اعتذرت لرواندا ودول أخرى عن جرائمها التي ارتكبتها في حقّ الأبرياء، ولكنّها لم تعتذر مُطلقًا للشّعب الجزائري عن مجازرها في حقّه.

وزير الداخليّة الفرنسي الأعمى البصر والبصيرة، لا يرى الإرهاب الإسرائيلي في حقّ الشّعب الفِلسطيني ومجازره في قِطاع غزّة والضفّة الغربيّة وجنوب لبنان، ولا يعتبر اقتحام المُقدّسات، مسيحيّة كانت أو مُسلمة، في القدس المُحتلّة نوعًا من الإرهاب، ويقولون للعرب والمُسلمين لماذا تكرهون الغرب؟

إنّنا نُطالب في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” الحُكومة الفرنسيّة بالاعتِذار الرّسمي والعلني عن هذه الاتّهامات والتّصنيفات “الفتنويّة” والطائفيّة، والعُنصريّة في حقّ مِلياريّ مُسلم من كُلّ الطّوائف، ليس للتّكفير عن هذه الخطيئة إرضاءً للمُسلمين، وإنّما لحِماية الشّعب الفرنسي وأمنه واستِقراره، من جرّاء النتائج التي قد تترتّب عليها في المُستقبل المنظور.

“رأي اليوم”

Print This Post

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى