مقالات

“اسرائيل تتآكل”.. الحذر من عمليّات أمنيّة خطيرة بديل الحرب الكبرى! 

ماجدة الحاج 

لم يحصل في تاريخ الكيان “الإسرائيلي” ان لجأ الالاف من ضبّاط وجنود جيشه الى التمرّد ورفض الخدمة العسكرية..وأن يُحذر رئيس اركان هذا الجيش من “انهياره في غضون 48 ساعة بسبب تمرير التعديلات القضائية”، مسبوقا بتحذير ممائل على لسان قائد سلاح الجوّ سابقا اتيان بن الياهو” من انّ الوضع في سلاح الجوّ حاليّا ليس اقلّ من كارثي”..وهذا رئيس لواء الابحاث في جهاز “أمان”  سابقا يوسي كوبرفاسر يحذّر بدوره من”إدخال السياسة الى الجيش” معتبرا “انّ الوضع قريب من كارثة”..تغصّ تل ابيب ومحيط الكنيست بالتظاهرات رفضا للتعديلات القضائيّة، ليقابلها اخرى مؤيّدة للتعديلات في تل ابيب ايضا..يعني  وصلت الامور الى “شارع مقابل شارع”، ولم يعد الكلام ينبّه من خطر الإنزلاق الى حرب اهليّة، “لأنّ اسرائيل دخلت فعليا في هذه الحرب” باعتراف قادتها، الى حدّ ان تستشهد صحيفة “هآرتس” بالتوصيف الشهير الذي اطلقه الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله على “اسرائيل” في خطاب له عام 2000  وتقول “إنّ الأخير كان صائبا بنظريّة بيت العنكبوت”. 
وأمام هذه الأزمة غير المسبوقة التي تلفّ الكيان “الاسرائيلي” تسري تسريبات عبريّة تتوقع “احداثا امنيّة” غاية في الخطورة قد تتجاوز كلّ الخطوط الحمر.. ولربما هذا ما دفع بالكاتب والمحلّل الأميركي الشهير توماس فريدمان الى دقّ ناقوس الخطر وتحذيره من “انفجار شيء مهم جدا” وفق تعبيره، جرّاء تصويت الكنيست على التعديلات القضائية وقوله “بمجرّد ان تختفي اسرائيل، لن تعود ابدا”.. فريدمان الذي اعتبر ” انّ الشرخ السياسي في “اسرائيل” يضرّ بالمصالح الاميركية”، طالب الرئيس الاميركي ب “مدّ جسر” عاجل لإنقاذها من الداخل، محذّرا من “انّ تجريد المحكمة العليا من اهم سلطاتها القانونية سيؤدّي الى كسر  الجيش “الاسرائيلي” كما الى الإضرار بالمصالح الحيويّة للولايات المتحدة”… 
وفي خضمّ اخطر ازمة على الاطلاق باتت تهدّد “اسرائيل” فعليّا ثمّة من المراقبين والمحللين من يسأل” هل سيتركها الغرب –وتحديدا الولايات المتحدة تنزلق الى المصير الاسود”؟، “هل هو مُستبعد ان يتمّ قذف كرة النار الملتهبة من الداخل “الإسرائيلي” الى المنطقة”؟، وبالتالي “هل علينا الحذر مما يحصل في “اسرائيل”؟ 
تحذيرات كثيرة طفت هلى سطح الازمة المستفحلة في الكيان “الاسرائيلي”، من مغبّة ان يبادر بنيامين نتنياهو للهروب الى الأمام عبر “افتعال” تصعيد عسكري يراه “آخر الكي” للإفلات من الأزمة وإعادة توحيد ما مزّقته تعديلاته القضائية امام خطر العدوّ الخارجي الدّاهم.. وفي السياق، نُقل عن مصدر في الخارجية الاميركية، تشديده على” انّ الاوضاع على الحدود اللبنانية –الاسرائيلية باتت مقلقة للإدارة الاميركية، منبّها من “انّ الأمور قد تودي الى حرب دون ان يقرّر الطرفان ذلك”، كما حذّر من “ان تدفع الاوضاع الداخلية الخطيرة نتنياهو للهروب الى خيار الحرب”. 
رغم استبعادها ان تصل الامور الى حافّة مواجهة عسكرية شاملة، الا انّ قيادة حزب الله تتحسّب دائما لتهوّر قادة الكيان خصوصا مع حكومة نتنياهو الحالية، وامكانيّة ان يُصدّر الأخير ازمته الى الخارج، وبالتالي تُبقي على جهوزيّة  مقاتليها وكأنّ الحرب واقعةٌ غدا..مرّة اخرى تمرّر قيادة الحزب رسالة تحذير “الى من يهمه الأمر”، عبر تقصّد إظهار دوريّة لمقاتلين له بدوا ملثّمين على السياج الحدودي مع فلسطين المحتلة. 
وفيما نقلت معلومات صحفيّة لبنانية عن مصدر امني اشارته، الى انّ رسالة مقاتلي حزب الله عند السياج الحدودي، شبيهة بواقعة “مسيّراته فوق حقل كاريش”، مرجّحا “ان تكون الرسالة ما قبل الاخيرة ويليها فعل عسكري مباشر”.. اعتبرت وسائل اعلام عبريّة واقعة توثيق عناصر الحزب عند الحدود شبيهة بما حصل عشيّة عمليّة الأسر عام 2006..لتلحَف علامات استفهام تلك الرسائل ومآلاتها.. هل تبقى في سياق “الحرب الباردة” بين “اسرائيل وحزب الله”؟ ام تتحوّل الى ساخنة جدا جرّاء خطأ في تقدير الحسابات؟ 
المؤكد انّ “كفاءة” الجيش “الإسرائيلي” تضرّرت بشكل كبير- باعتراف الجيش نفسه في بيان، أقرّ فيه ” انّ الكفاءة تتآكل وسيتضرّر اكثر في غضون اسابيع”.. وعليه، فإنّ رفض الالاف في سلاح الجوّ والاستخبارات ووحدات النخبة الإلتحاق بالخدمة ليس بالحدث العادي الذي يمكن المرور عليه ببساطة، لأنه يشكّل عائقا كبيرا امام اي عمل عسكري قد يشنّه هذا الجيش خصوصا نحو لبنان.. وبالتالي، من المستبعد ان يلجأ نتنياهو الى اي خطوة عسكرية لإنقاذ نفسه وحكومته من الازمة العميقة والخطيرة لأنه لا يضمن نتائجها خصوصا في مواجهة “عدوّ شرس” كحزب الله،  وستكون خطوة انتحاريّة ان فعلها..لكنّ هذا لا يسري على العمل الأمني،  وقد يكون اللجوء الى تنفيذ عمليات اغتيال ضدّ قادة في فصائل المقاومة-  الفلسطينية او اللبنانية، الخيار الأمثل له بديل التورّط في حرب كبرى محفوفة بالمخاطر. 
ويبقى الحذر من “تكفّل” الولايات المتحدة بمهمة إنقاذ الكيان “الاسرائيلي” من غرقه المحتّم على حساب المنطقة.. لطالما كان مخطّط “تكسير” الدول العربية المحيطة بالكيان وجيوشها وإغراقها في حروب عسكرية وثورات ملوّنة بهدف حماية هذا الكيان وديمومته الى الآن.. ولطالما اعتُبر جيش الكيان جزء لا يتجزّأ  من المصالح الجيوسياسيّة الرئيسية لواشنطن في المنطقة.. فماذا عن المعطيات التي حذّرت من سيناريواميركي جديد لإعادة الفوضى الى  المنطقة؟ وتحدّثت عن “نشاط اميركي لافت” لإعادة “بثّ الروح” في جسد تنظيم “داعش” في سورية والعراق؟ وعن تنسيق اميركي عالي المستوى مؤخرا مع قادة جماعات ارهابية في سورية-خصوصا مع متزعّم ما يسمى “هيئة تحرير  الشام” ابو محمد الجولاني؟ 
لكن يبقى المُرجَّح انّ مآلات الازمة المستفحلة في الكيان “الاسرائيلي” قد تتجاوز امكانية حصول انقلاب عسكري على حكومة نتنياهو الى ما هو اخطر..فوِفقَ ما نُقل عن دبلوماسي “اسرائيلي” في برلين، فإنّ “قرارا قد يكون اتُخذ بتنفيذ عمليّة اغتيال بحقّ من اسماها “شخصيّة اسرائيلية كبرى” تُعيد بالذاكرة الى تلك التي نُفّذت بحق اسحاق رابين عام 1995..مع ترجيحه-استنادا الى معلومات الاستخبارات الألمانية، حصول “حدث مدوّ” يتعلّق بقواعد عسكرية اميركية وطائراتها في سورية قد يكون بات وشيكا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى