مقالات

١/٢مخيم عين الحلوة والسلاح منصة لإسناد حرب التحرير ام عبء وبؤرة استنزاف؟؟

بيروت؛٤/٨/٢٠٢٣

ميخائيل عوض

القضية الفلسطينية هي اعقد قضية واجهتها البشرية منذ الخلق، وازمة العلاقات اللبنانية الفلسطينية تفيض تعقيدات ومصائب.فان انبرى احدا وقدم مخارج وحلول عملية وقاد الجهد لمعالجتها بما يحقق العدل ويبسط الحق فلتسجل له في مجلة جنيس على انه عبقري الزمن السياسي.في تعقيدات العلاقات اللبنانية الفلسطينية يحكى الكثير، من المصائب والمثالب برغم ان الشعبين في الهم واحد وإسرائيل طامعة ومعتدية عليهما ووجودها ضرر بالغ لكليهما، ولهما جغرافية وثقافة ومياه ومناخ وعلاقات اجتماعية تاريخية ودائمة اعلى من تكاملية واكثر من حميمية وهما شعب واحد في جغرافيتين متفاعلتين ومتكاملتين.بالحد الادنى لمنطق الامور ان يكونا متفقين وموحدين في وجه العدو والخطر الدائم والماحق عليهما، الا ان النظم والطبقات السياسية والمسيطرة في كلاهما صممت لوظيفة صنع العداء والتوترات والازمات بينهما لخدمة العدو وللتآمر عليهما وتدفيعهما اثمان لإراحة اسرائيل وتأمينها.الدولة اللبنانية منذ تأسيس الكيان ونشوء القضية الفلسطينية وضعت نفسها في حالة عداء واضطهاد وتنكيل بالفلسطينيين وقضيتهم ووفرت الشروط لإنفاذ المخططات الاسرائيلية في فلسطين وفي لبنان، والقيادات التي تتابعت على الشعب الفلسطيني المنكوب انتدبت نفسها لصب الزيت على النار واسهمت بقصد او بغباء في تعميق الجروح وتقيحها بدل ان تعمل على معالجتها وتسريع شفائها.الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة وخاصة في البيئة الاسلامية والجنوب استقبل الفدائيين كأبطال وامن بهم وقدم لهم كل ما استطاع ولم يبخل بالعطاء وبالدم.الا ان قادتهم وفصائلهم اذاقته مر العلقم تماما كما تعاملت مع الشعب الفلسطيني في المخيمات، وبيئتهم الحاضنة. وعندما غادرت منظمة التحرير والفصائل بيروت بعد ان هزمت واخفقت بتحرير القدس عبر جونية، وبرغم نزوع بعض اطرافها للعودة ولو بالنار والدم وبالتحالف مع سلطة امين الجميل فأشعلت حرب المخيمات مع محيطها ومن ثم بين فصائل فتح. الحروب التي  اثخنت الجراح وزادتها وافاضت في الاساءة للفلسطينيين واللبنانيين، ولولا يقضه المقاومة الاسلامية ووعيها الاستثنائي والتزاماتها القيمية والعقيدية وتقديمها اولوية الزحف الى القدس على اية مهمة لالتهبت جراح العلاقات الفلسطينية اللبنانية شعبيا ولقدمت للسلطات الفلسطينية واللبنانية الفرصة لتصفية السلاح والوجود الفلسطيني في لبنان بالتنكيل والتأزيم والتهجير مادام التوطين مستحيل وعودة السلاح الفلسطيني ومنظماته لاستبدال بيروت بالقدس اكثر استحالة. وزاد في الطنبور نغما الجماعات الاسلامية المتطرفة التي استسهلت مع فتح الاسلام الاستيلاء على مخيم نهر البارد بدعم واسناد من قوى وجماعات لبنانية في محاولة للمتاجرة بالقضية وبالمخيمات والاستقواء بالسلاح الفلسطيني والتطرف الاسلامي السني في وجه المقاومة الاسلامية التي اوفت بوعدها وقسمها وهزمت اسرائيل ولم توفر سبيل او امكانية الا وقدمتها لفلسطين وشعبها ومقاومتها، ولأسباب لبنانية وفلسطينية واقليمية احتفظت المخيمات بسلاحها وبادرة امنها الداخلي ومنعت الدولة واجهزتها من ممارسة السلطة فيها والذرائع كثيرة وانصار بقاء المخيمات على حالها كثر ودوافعهم متنوعة ايضا، لكن احدا لم يسعى لجعل المخيمات قوة اسناد وتعضيد لفعل المقاومة ومحورها ولمقاومة الضفة وفلسطين ال٤٨ الملتهبة والجادة في سعيها لتحرير فلسطين كلها كسبيل وحيد لابديل عنه .والازمات المعقدة عندما لا تجد حلولا لها، واذا لم تتوفر قيادات نوعية وثورية لمعالجتها، فالمنطقي انها تفرخ وتستنسخ الازمات فكان للازمة السورية اثر كارثي اضافي على اللاجئين الفلسطينيين في سورية ولبنان والشتات وكأن الفلسطينيون خلقوا للعذاب والتنكيل والهجرة وتجرع المرارات حيث كانوا وحلوا.وظلت مشكلة المخيمات قائمة وتنزف، وزاد في طنبورها نغم انه مع رحيل منظمة التحرير ومن ثم انشاء السلطة وتراجع دور فتح فقدت المخيمات وحدة السلطة والتنظيم فيها وصار المخيم مخيمات وكل حي وكل عشيرة وكل تنظيم يقيم سلطته وينفذ شريعته ” حارة كل مين ايدو الو” وبيده قرار الامن والتفجير وخلق التوترات والاحتكاكات، ولغياب السلطة والقدرة على الضبط وحفظ الامن تحول مخيم عين الحلوة وهو عاصمة الشتات الفلسطيني وعاصمة مقاومة اللاجئين وقد ابلى كثيرا في الحروب مع اسرائيل، وبعد تدمير وتهجير مخيم اليرموك في سورية اصبح ملاذ للاجئين من مخيمات سورية و للعناصر الهاربة من الدولة والقضاء وللجماعات الاسلامية المتشددة ولفلول فتح الاسلام وداعش والنصرة وسوابقها وتوابعها من المنظمات والجماعات المسلحة، ولأنه مساحة وعمران محدود وممنوع على الفلسطيني العمل والتملك والبناء في لبنان بقوانين جائرة وتعسفية عنصرية بغيضة، اصبح الاكتظاظ السكاني ربما اعلى مما هو في غزة وليس للمواطنين الا الصبر والتحمل والعيش في ظروف قهرية لا تليق بأبسط الكائنات والناس تتحمل وفوق احمالها واعبائها الحياتية وغياب ابسط الشروط والحاجات الانسانية يضطرون لتحمل تنفيس احتقانات وعنتريات الفصائل والمجموعات وامزجة امرائها وقادتها بالسلاح والقذائف والاشتباكات التي تصيب الابرياء واملاكهم واستقرارهم بلا ذنب او سبب او هدف يستحق التضحية.مناسبة هذا الحديث الاشتباك المستمر منذ ايام في مخيم عين الحلوة والعجز عن وقف النار وضبط الاشتباكات وتامين عودة الهدوء والاستقرار، وتامين المخيم بصورة دائمة ونهائية، فتحول عين الحلوة الى بؤرة ارهاق للفلسطينيين واللبنانيين وما يمثله ذلك من اضرار فادح على القضية الفلسطينية وعلى الشعب والانتفاضة المسلحة التي تدير حرب تحرير فلسطين من الضفة واراضي ال٤٨ على سبيل الجولات وتحقق نقاط ومكاسب، وايضا ما تلحقه اشتباكات عين الحلوة من اذى وتأزيم وتعطيل في صيدا وعلى الاستقرار الامني في لبنان المأزوم حتى الثمالة والعاجزة طبقته وقواه السياسية عن اخراج البلاد من  الفراغات واحتمالات الانهيار والفوضى.من فجر الاشتباكات ولماذا، ولأي اهداف؟ واين هي مصلحة المخيم وسكانه؟ وما الذي يفيد قضية فلسطين وشعار الزحف الى القدس ونصرة الضفة وفلسطين ال٤٨ في ثورتها المسلحة؟؟ اين هي القوى الفلسطينية الحريصة على المخيمات والشعب والقضية والمعنية بإعادة صياغة العلاقات اللبنانية الفلسطينية ومعالجة جروحها وتطهير التقرحات؟؟؟ ومن يضع على جدول اعماله ومهامه اعداد المخيمات وتجهيز اللاجئين في الشتات لإسناد المقاومة في الضفة وال٤٨، وتحويلهم والمخيمات من عبء الى منصات فعل واسناد وتظهير قضية فلسطين المحقة والعادلة.من يتحمل المسؤولية والى اين ستذهب الامور؟؟ بل ولماذا السلاح في المخيمات؟ وما فائدة ان تتحول الى ملاذ للمطاردين والارهابين والهاربين من العدالة ؟؟ وما الفوائد التي يجنيها المخيم وسكانه وماذا يقدم لقضية التحرير والقدس؟؟أسئلة قد تكون محرجة والبعض سيقول انها خارج السياق والاهتمام وربما الأولويات وكثير من المزاودين سيعتبرون نقاش الامر محرم.لابأس؛ فالسؤال الاخطر والاهم عندما يتحول الجرح الى دمل والدمل يتقيح ويهدد الجسم برمته ماذا يفعل الطب وماذا يقول المصاب واهله، ومتى كان تجاهل الوقائع والتمنع عن نقاشها بجرأة والاقدام على ايجاد الحلول العملية معصية او خطأ.ازمة مخيم عين الحلوة والتوترات الامنية المستدامة والجاري اليوم امر خطير ومسيء ليس للعلاقات اللبنانية الفلسطينية فحسب بل للقضية الفلسطينية وللجاري في الضفة وفلسطين ال٤٨ ويجمع المتابعون والمتعاطون بالشأن على القول ان الجاري مؤامرة وانه من فعل الموساد الاسرائيلي وانه لا يخدم الا اسرائيل وان توقيته غير بريء ولا هو عرضي بل مقصود لإشغال الاعلام والناس والاهتمامات عن المجزرة التي ترتكبها اسرائيل واجهزة سلطة ابو مازن بحق مقاومي الضفة واهل فلسطين التاريخية. وبرغم ان الكل يجاهر ويتبنى هذا التوصيف ويتملص من مسؤولية الجاري، ويلقيه على الاخرين والمؤامرة والمتآمرين، الا ان احدا جادا لم يبذل الجهد حتى لمحاولة ابتداع فكرة او راي ورؤيه للعلاج الشافي ولإنهاء بؤر لم يعد لها من وظيفه الا استضافة الخارجين عن القانون والمطاريد والجماعات والعناصر الموصوفة والمصنفة متطرفة وإرهابية. وهذه لم يكن لها يوما مساهمة او جهد او فعل في صالح القضية والشعب الفلسطيني او القضية والشعب اللبناني، فهذا الصمت المريب هو صمت قبور الاحياء العاجزين.غدا؛ عن الحلول والمخارج المقترحة والممكنة…/

يتبع 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى