مقالات

تفكيك المفكك…..!

أنشئت الجامعة العربية في سنة ١٩٤٥، بهدف تحقيق غايات استراتيجية طموح تؤسس للوحدة العربية فكانت: الأمانة العامة والهيئة العامة ومجالس متعددة منها: عمل ودفاع وسوق عربية مشتركة واقتصادية وغيرها، وعقد مؤتمر عربي سنوي في عاصمة إحدى الدول، وفقاً للأحرف الأبجدية، ويترأسها رئيس الدولة المضيفة حيث بلغ عدد الدول المنضمة اثنتين وعشرين دولة…..!تعقد مؤتمرات طارئة بناءً لطلب إحدى الدول وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، وخاصة عند حدوث أزمات ضمن البلد الواحد أو في نزاع بينها أو مع الغير، وعرفت حالة من التوافق والانسجام منذ التأسيس حتى سبعينيات القرن الماضي بعد خروج مصر عن الإجماع العربي إثر ذهاب الرئيس المصري محمد أنور السادات إلى فلسطين المحتلة، وألقى كلمة في الكنيست الصهيوني واستمر التواصل إلى توقيع اتفاقية الاستسلام والتي عُرفت باتفاقية كامب دايفيد وكرت لعبة الدومينو بأوسلو ووادي عربة…!وعلى اثر ذلك، تفتت العرب وأضحى كل نظام يغرد على هواه، وساهم في ذلك انهيار الاتحاد السوفياتي وتربع اشنطن وحيدة على قمة العالم…..!ومن تداعيات خطوة مصر الانتحارية: ١- الحرب الأهلية في لبنان وانقسام العاصمة بين شرقية وغربية. وما زال البلد متعثراً وممزقاً عمليا وموحداً على الورق…!٢- انقسام منظمة التحرير الفلسطينية على ذاتها بين من مع أوسلو وكانتون رام الله. وما زالت فلسطين تحصد الخيبات والويلات ٣- تمزق العراق إثر الغزو الأميركي وتحوله إلى كانتونات ولدت الإرهاب. وقد استغل الكيان الصهيوني ذلك وعسكر في الشمال (الكانتون الكردستاني) بكل وقاحة وعلنية…!٤- انفصال جنوب السودان عن السودان الأم وشبت الحرب الأهلية، وعشعش العدو في الكيان المسلوخ، ودب الصراع داخل السودان بين القبائل وتمرد دارفور وسقط حكم الاسلاميين، واشتعلت نيران الحرب بين الجيش والفصائل المنشقة وما زالت….!٥- تحول ليبيا إلى ليبيات قبائلية متناحرة تتحكم بها قوى الغرب ما بين الأوروبي والأميركي وتنهب خيراتها…..!٦- حرب ما بين حكومة المغرب والصحراء الغربية بقيادة البوليساريو والتي تنتظر فرج الاستفتاء منذ ما يزيد على نصف قرن من قبل لجنة ترأسها واشنطن…!٧- بالعودة إلى بلاد الشام والحرب الكونية التي شنت على سوريا من خلال الإرهاب باسم الحرية والديمقراطية وانتهت باحتلال أميركي تركي وجعلت سورية تئن من جراحها وتعاني الاحتلال والإرهاب….!٨- أما اليمن العصي على الاحتلال منذ ولادته وعبر التاريخ، فقد تعرض لعدوان دولي من القريب والبعيد وعاد إلى سابق عهده بين شمال وجنوب يعاني الحصار والصراع بين جماعات باعت نفسها وبلدها من أجل مكاسب دنيوية…!٩- اليوم قطاع غزة وعلى مدى الأشهر الخمسة تقريباً فيواجه العدوان والقتل والتدمير والتهجير لم يسانده سوى أخوة في لبنان وسوريا والعراق واليمن بعيداً عن الأنظمة المرهونة لواشنطن….!أمام هذه الوقائع الدامغة وجامعة العرب في سبات عميق خرساء عمياء صماء وكأنّ ما يجري في كوكب غير الكرة الأرضية رغم وجود كل مؤسساتها وكوادرها البشرية وموازنتها المالية…!تثير هذه الوقائع تساؤلات عديدة منها:١- ما هو مبرر وجودها بعد كل هذا التفتيت والتفكيك والصراعات الداخلية والإقليمية؟٢- من وراء انهيار هذا النظام العربي الفاشل؟٣- لماذا لا تتشبه بالاتحاد الأوروبي متعدد القوميات والجنسيات واللغات، بينما تمتلك بلاد العرب كل مقومات الوحدة والاتحاد؟٤- ما هي الوسائل اللازمة لقيام وحدة حقيقية تجعل منها شريكاً دولياً بكل معنى الكلمة؟

د. نزيه منصور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى