مقالات

ماذا وراء الدعوات إلى الحلول والمخارج السياسية…

فجأة بدأنا نسمع لهجة جديدة، من أطراف عديدة من تحالف العدوان، تدعو إلى البحث عن مخارج وحلول سياسية، للأوضاع المتفجرة في فلسطين المحتلة، وعموماً المنطقة.
وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، يتحدث وهو في طريقه إلى فلسطين المحتلة، عن الحاجة إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، ويدعو إلى التهدئة بين الكيان الصهيوني والمقاومة اللبنانية، ويؤكد أن التصعيد ليس من مصلحة أي طرف، سواء إسرائيل أو لبنان.
وزير الخارجية الإيطالي، يكشف أن دول مجموعة السبع، تبحث مع إسرائيل، سبل إيجاد مخرج من المرحلة العسكرية للنزاع في غزة.
أما الأهم، فهو ما يجري الحديث عنه من خلافات داخل المؤسسين السياسية والعسكرية، في القيادة الاسرائيلية، محورها أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، والأمل مفقود في تحقيقها، وتساؤلات ماذا عن اليوم التالي.
يمكن ربط كل هذه التصريحات والمواقف، مع ما تم الكشف عنه من الجانب الإيراني، عن رسالة أمريكية إلى طهران، عبر وفد خليجي، تعرض فيها تسوية كبرى في المنطقة.
هذه المواقف الجديدة، تدعو إلى التساؤل عن خلفيتها ومؤشراتها، ولماذا غابت لهجة التهديد والوعيد، ومواسم الحج الأمريكي والغربي إلى فلسطين المحتلة، لإعلان التأييد للكيان الصهيوني، وعن حق الكيان في الدفاع عن نفسه، ولعدم توقيف القتال قبل تحقيق الأهداف الإسرائيلية.
في السياسة والصراعات والحروب، لا شيء من فراغ، ولا عواطف ولا قوانين، ولا شيء يحكم الأوضاع والمواقف، الا لغة الميدان، وهذا يؤكد أن هذه المواقف ناتجة عن تطورات الميدان فقط وأهمها..
الفشل الإسرائيلي الأمريكي، في تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية، التي وضعوها في بداية العدوان على الشعب الفلسطيني.
تأكد الإدارة الأمريكية، التي تدير هذه الحرب، إلى جانب قادة الكيان، من عدم قدرة الجيش الاسرائيلي، على الاستمرار في الحرب، أو تحقيق أهدافه.
الخوف الأمريكي الاسرائيلي، من توسع نطاق الحرب، والإنجرار إلى معركة أوسع سيكونون الخاسرين فيها، وقد تؤدي إلى خروج سريع ومذل للأمريكيين، من كامل منطقة شرق المتوسط وغرب آسيا.
استشعار الإدارة الأمريكية، بأن تطورات هذه الأوضاع واستمرارها، والفشل في تحقيق الأهداف، بدأت تؤثر بشكل جدي، على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ملفاتها الاستراتيجية الكبرى، وخاصة في صراعها مع الصين، ومع روسيا في أوكرانيا.
ما تبديه الأدوات الأمريكية في المنطقة، من مخاوف على مواقفهم، وحتى وجودهم.
مع هذه التطورات يبقى التساؤل مشروع، عن إمكانية تحقيق ما تسعى إليه أطراف تحالف العدوان، للخروج من مرحلة الصراع والاشتباك، إلى البحث عن المخارج والحلول، وكيف؟ وما هو الثمن؟ وماذا عن مواقف الأطراف المقابلة؟ وهذا يثير التساؤلات، حول ما هو مطروح على الطاولة من حلول، وإمكانية قبوله كأساس لهذا الانتقال.
الحل الأول والأكثر تداولاً، هو حل الدولتين في فلسطين المحتلة، فهل لا يزال هذا الحل مقبولاً وواقعياً، بعد كل ما جرى؟.
بالتأكيد لن يكون العرض الأمريكي، متضمناً خروجهم من العراق وسورية، فهل ستقبل أطراف المقاومة، بأي حل يبقيهم في البلدين، بعدما أصبحت إمكانية إخراجهم باليد؟.
الوصول إلى تسوية في كامل المنطقة – كما تقترح الرسائل الأمريكية إلى الإيرانيين – يتضمن بالتأكيد، طلبات وملفات تتجاوز بكثير الصراع الجاري في فلسطين المحتلة، فهل تستطيع الإدارة الأميركية، والكيان الصهيوني، الاستجابة الي كل طلبات دول وأطراف حلف المقاومة؟
يمكن بكل سهولة الاستنتاج، بأن إمكانية التوصل إلى حلول أصبحت أكثر صعوبة، أن لم تكن مستحيلة لسببين:
الأول أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، عاجزين عن دفع الأثمان المطلوبة، للخروج من مرحلة القتال والاشتباك، إلى المخارج والحلول.
الثاني لأن الصراع وصل إلى مرحلة، أصبح مطلوب فيها حسم الكثير من الملفات، وأصبحت المنطقة مهيأة لتغيير دراماتيكي، في خريطتها الجيوسياسية، ومن المؤكد أن أطراف حلف المقاومة، لن تفرط بسهولة في كل ما راكمته من مكاسب، وما حققته من إنجازات، أوصلتها إلى قرب مرحلة حصد النتائج، ويمكن الاستدلال على ذلك بمؤشرين هامين:
الأول وهو أن قاعدة التفاوض، المعروفة في الصراعات سواء السياسية أو العسكرية، أنها تتم في مرحلتها الأولى، بصمت وخلف الكواليس، حتى حسم توجهاتها، بين التهدئة أو التصعيد، والوصول إلى الخطوط العريضة للتوافق، ثم الانتقال إلى بحث التفاصيل، وهنا يمكن التأكيد، بأن الكشف الإيراني عن الرسائل الأمريكية، يؤكد فشل هذه الرسائل، في تحقيق المطلوب منها.
الثاني هو دعوة الحكومة العراقية، لخروج قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من العراق، والحديث عن تشكيل لجنة لبحث تطبيق هذا الطلب.
هذا يؤكد، ان الاوضاع تميل إلى استمرار الصراع، وليس إلى التهدئة، وان كان هذا الصراع قد يأخذ أشكالا مختلفة عما هو عليه اليوم، وقد يصبح مع الأمريكيين بشكل مباشر.
أحمد رفعت يوسف

إعداد : حازم نادر ويسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى