مقالات

هل تحتمل أميركا حرباً طويلة بينها وبين إيران في حال نَشَبَت المنطقه؟

كَتَبَ إسماعيل النجار

في حسابات الربح والخسارة “أمريكا” في أي حرب مُقبِلَة مع “إيران” تكمن مواضع قُوَّتها في قدراتها العسكرية المتطورة وإمكانياتها الهائلة، ونقاط ضعفها تكمن في إنتشارها خارج أراضيها ألآف الأميال،هيَ الحسابات القريبة من الواقع كسيناريو مُحتَمَل أن يحصل في أي وقت بين أكبر عدوَّين لدودَين في المنطقة والعالم،إذا تحدثنا عن الإنتشار الأميركي في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا وفي الخليج العربي تحديداً،يجب أن نختصر حتى لا يطول الشرح ونتوسع فيطول بنا المقال،للولايات المتحدة الأمريكية قواعد عسكرية متنوعه كبيرة وضخمة تابعه لقيادة عمليات الشرق الاوسط منتشرة على مساحة ثلاثة ملايين كلم° من البلدان العربية على طول السواحل المطلة على البحر الأحمر والمتوسط وفي ألعمق الخليجي والعراقي والسوري، يقع خط إمداد قواتها الوحيد عبر مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب بحراً،وخط إمداد جوي مُعَرَّض للخطر، وطريق بري واحد من تركيا عبر كردستان العراق غير آمن وغير مضمون العواقب، يبلغ طول خط الإمداد الأميركي 12000 ميل بحري يبدأ من الولايات المتحدة الأمريكية لغاية نقاط التموضع في العالم،الجمهورية الإسلامية الإيرانية مساحتها مليوني كلم° خط إمدادها العسكري مفتوح ومضمون لقواتها ضمن أراضيها يبدأ من مسافة صفر إلى مسافات قريبة جداً،رغم التفوق العسكري الأميركي الكَمِّي والنوعي مقابل إيران إلَّا أن الأخيرة تمتلك مخزون صاروخي ضخم جداً والآف الطائرات الإنتحارية المُسَيَّرَة وإمكانيات عسكرية وجغرافية تجعلها تتفوَّق على أعدائها بشكلٍ كبير وغير مُتَوَقَّع،في حال نشوب أي حرب بين البلدين فإن إيران تستطيع ضمان منطقة آمنة لها بمسافة 2400كلم°بحراً،كُل ما يتواجد في نطاقها يقع ضمن دائرة الخطر،وهو مدى الصواريخ البالستية الدقيقه التي تبلغها بعد إطلاقها من شواطئ إيران، ناهيك عن الألغام البحرية والزوارق الإنتحارية السريعه والطائرات المُسيرة،تمتلك إيران تكنولوجيا عالية جداً وقدرة كبيرة على ضرب الأهداف البحرية المتحركة بدقه عالية بصواريخ تحمل رؤوس متفجرة ذات وزن ثقيل دقيقة الإصابة مُوجَهَة عبر الأقمار الصناعية،كما تمتلك إيران دفاعات جوية متطورة تستطيع إسقاط الطائرات والصواريخ مثل منظومة صواريخ خرداد، وباور 373، وS300 الروسية وغيرها منها البعيد والمتوسط وقصير المدىَ، مثال على ذلك الذي ذكرهُ الخبير الإستراتيجي الدكتور (فادي لامآ) في كتابه أن نسبة الخطأ للصواريخ الإيرانية الدقيقة والفرط صوتية عند إصابة أي هدف هو من 2 إلى 5 متر،فإذا كان عرض حاملة الطائرات يبلغ 73 متر وطولها 322 متر فإن إحتمال إصابتها بصاروخ موجَه هو 95٪،وإذا أطلقت إيران صاروخين أو ثلاثة فإن الإصابة ستكون محققة بنسبة 100٪، ما يعني غرق حاملات الطائرات على مسافة أكثر من 2000كلم وضمن نطاقها،كل هذا بوجود دفاع جوي أميركي مضاد متطور لكنه عاجز امام سرعة وحِنكَة الصواريخ الفرط صوتية الإيرانيه، وما ينطبق على الحاملات يسير على باقي المدمرات في البحر،إذاً من الصعب بقاء القوة البحرية الأميركية آمنة ضمن نطاق مرمى نيران الحرس الثوري لذلك يتوجَب عليها الإبتعاد،أما باقي القواعد العسكرية البرية والجوية المنتشرة في البر فهي مكشوفه في الصحراء والموانئ وغير محصنة بدءً من إقليم كردستان وصولاً الى سلطنة عمان مروراً بكل دُوَل الخليج، تستطيع إيران قصفها وتدميرها وسحقها بالصواريخ من دون أن تحرك باتجاهها جندي واحد،كما تستطيع منع سلاح الجو الأميركي من الإقلاع والهبوط من هذه القواعد وإليها نتيجة تعطيلها،لذلك عندما قدرَت أميركا حقيقة الخطر الصاروخي الإيراني الذي لا علاج له، إتخذَت خطوات أمان سريعه وقامت بنقل مقر قيادة عمليات الشرق الأَوسط الى ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية،أن أميركا ستكون محاصرة تماماً في الشرق الأوسط وستبتلعها نيران ايران الصاروخية هي ومعها إسرائيل،الطريقة الوحيدة التي تستطيع اميركا الدفاع عن نفسها فيها هي الرد بالصواريخ الى داخل إيران حينها ستكون حرب صواريخ متطورة ومُدَمِرَة بينهما، الخاسر الأكبر فيها هو أميركا خصوصاً إذا ما فكروا بالإقتراب من السواحل الإيرانية أو الجُزُر الثلاث القريبة من سواحل الإمارات التي تدعي أبو ظبي ملكيتها،الإيرانيون سيقاتلون إنطلاقاً من ارضهم ويستطيعون اغلاق باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس في آنٍ معاً،وفي حال دخلت بعض الدوَل الحرب لصالح واشنطن فأن كامل محور المقاومة سيكون حينئذٍ شريك في المعركة وسيخوضها حرب وجود أو لا وجود،إذاً ضخامة الآلة العسكرية الأميركية لن تخدمها في منطقة تتحكم إيران بممراتها البحرية وبخطوط إمدادها وفي ظل حلفاء اقوياء لطهران وحلفاء ضعفاء لأمريكا،تأثير الحرب على الإقتصاد العالمي وسوق النفط كبير جداً وسترفع سعر البرميل الى ما فوق الألف دولار وخصوصاً إذا طالت الحرب، الأمر الذي لا يحتمله الإقتصاد العالمي ناهيك عن الخوف من تدحرج الأمور الى حرب عالميه ثالثة،لذلك أميركا تُهَوِّل ولا تتجرَّأ وإسرائيل والعربان يدركون ذلك ولكن إن أخطأوا في الحسابات ستكون فاتورة الحرب باهظة جداً.

بيروت في… 20/8/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى