المقالات

العلاقة بين التيار والقوات في أسوأ حال.. والوساطات معطلة… (السفير: غسان ريفي)

عندما يقول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “علامة” العلاقة مع الوزير جبران باسيل هي (تحت الصفر على عشرين)، فهذا يعني أن الرجل قد أعلن وفاة تفاهم معراب بشكل رسمي، وأنه يئس من التعاطي مع التيار الوطني الحر، خصوصا مع تحوّل الصراع بينهما الى صراع وجود على الساحتين المسيحية واللبنانية يتعدى بشكل كبير التجاذبات أو الخلافات التي تشوب العلاقات بين التيارات السياسية بين الحين الآخر.

وعندما يستطيع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن يتفاهم مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وأن يجد قواسم مشتركة مع حركة أمل، وأن يقوم بتدوير الزوايا مع الكتائب، وأن يحترم الخصومة مع المردة، من دون أن يجد سبيلا أو آلية الى علاقة متوازنة مع القوات بالرغم من الجهد الكبير الذي بذلته في إيصال العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية بناء على تفاهم معراب، فهذا يعني أن باسيل قرر قطع العلاقات مع القوات وصولا الى المواجهة المفتوحة معها، وهو أمر لا يبشر بالخير على الساحة المسيحية خصوصا في ظل الحرب الضارية القائمة على مواقع التواصل الاجتماعي بين أنصار الفريقين والذي قد يؤدي الى ما يُحمد غقباه في حال إستمر على هذه الوتيرة المخيفة.

حتى الآن تبدو كل الطرقات مقطوعة الى التلاقي بين الطرفين المسيحيين، كما أن كل الوساطات معطلة، بالرغم من الحديث عن إمكانية تدخل مباشر من بكركي لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بينهما، لكن هذا الحديث ما لبث أن تراجع بفعل رفض الطرفين أن يكون أي لقاء يعقد بينهما بروتوكوليا من أجل إلتقاط الصورة، ومن دون البحث في عمق الخلافات ووضع حد للتجاوزات التي يرى كل طرف أن الطرف الآخر يرتكبها بحقه، ما يؤكد أن أزمة التيار والقوات طويلة وهي مرشحة الى أن تعود الى المربع الأول والى ما هو أسوأ في ظل التوترات المتنامية وعدم إستعداد أي طرف للاستماع الى وجهة نظر الطرف الآخر.

تعترف مصادر مقربة من القوات أن “الخلاف مع التيار وصل الى مرحلة اللاعودة، خصوصا مع الصراحة المتناهية التي يعتمدها الدكتور سمير جعجع في حديثه عن العلاقة مع جبران باسيل، وعدم توفيره رئيس الجمهورية ميشال عون من الانتقاد وإتهامه بدعم كل توجهات باسيل والسعي الى ربط كل أمور الجمهورية به، وفقا لما قاله في برنامج “صار الوقت” (قوم بوس تيريز) فضلا عن إتهام جعجع لباسيل بالسعي الى إلغاء القوات والى إحراجها لاخراجها من المعادلة السياسية لكي تخلو له الساحة المسيحية، وتأكيده بالتالي على قيام باسيل بنقض تفاهم معراب بالبنود المعلنة وغير المعلنة، بعدما إنتهت مصلحته فيه بانتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ومحاولته فيما بعد في أن تكون القوات شاهد زور على ممارسات التيار في السلطة وهذا ما لا يمكن أن تقبل به”،

وتقول هذه المصادر: “لقد حاولت القوات جاهدة الحفاظ على “شعرة معاوية” في هذا التفاهم لكن باسيل لم يترك مجالا لاعادة رأب الصدع، ما دفع الحكيم الى هذه الانتفاضة والى تسمية الأشياء بأسمائها”.

من جهتها ترى مصادر مقربة من التيار الوطني الحر أن “المشكلة الأساسية هي أن قيادات القوات غير منسجمين مع أنفسهم ولا مع طروحاتهم، وهم يتحدثون بالشيئ ثم يفعلون نقيضه، وهذا أمر صعب جدا في العلاقات السياسية”، مؤكدة أن “التيار لا يسعى الى معارك وهمية أو حقيقية، وهو يحترم خصومته مع تيار المردة ومع الكتائب، ومع غيرهم من التيارات السياسية، لكن كيف له أن يتصرف مع حزب يريد أن يفرض عليه كيف يتعاطى مع قياداته ومع أنصاره”.

وتقول هذه المصادر: “إن كثيرا من قيادات القوات يجدون صعوبة في الانتقال الى فكرة الدولة، وهم لم يستطيعوا الخروج من منطق “المسجون” ومن منطق “الاقطاعي” ومن منطق “الميليشيا”، لذلك يتعاطون دائما بصيغة إلغائية، وفي كل مرة نسعى الى اللقاء مع القوات على قواسم مشتركة وفقا لثوابت محددة، نجد أنهم يعملون بعكس هذه الثوابت، لذلك فإن الخلاف كبير وهو يزداد عمقا”.

يقول قيادي مسيحي مطلع: “إن ما وصلت إليه الأمور بين القوات والتيار لا تعكس أية أجواء إطمئنان ضمن الساحة المسيحية، خصوصا مع تفلت مواقع التواصل الاجتماعي من عقالها”، مشددا على “ضرورة إيجاد صيغة لتهدئة النفوس سواء من خلال بكركي أو شخصيات مشتركة بين الطرفين أو أي جهة أخرى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى