مقالات

غزة اسطورة المقاومة وإبداعاتها، تعيد تعريف حقوق الانسان والحيوان ايضا.

ميخائيل عوض

بيروت؛ ٣٠/١١/٢٠٢٣

انتزعت غزة مكانتها في صدر تاريخ البشرية بصفتها اسطورة المقاومة والصمود والتضحية وخلاقة في قدرتها على تسطير العجائب والمعجزات، وعليه فستكون موضع ابحاث ونقاشات ودراسات وخلاصات دروس في شتى العلوم السياسية والاجتماعية والانسانية والعسكرية وتهمين لزمن طويل، وقد لا تستطيع تجربة اخرى مجاراتها او التقدم عليها.

فحررت نفسها ٢٠٠٥ والزمت ابو الاستيطان وزارع اول المستوطنات فيها شارون ان يقوم بتفكيك المستوطنات صاغرا. وقررت حينها ان تحرير فلسطين من البحر الى النهر ليس وهما انما واقعا معاش وممكن التحقق، فغزة في جوهر وصلب فلسطين التاريخية وفي عين العدو لإقامة دولته اليهودية كما تكشفت مخططاته لتهجيرها الى سيناء وتشتيت جمعها.لماذا غزة واين يكمن سرها بانها لم تستكين ولم تلقي السلاح منذ احتلت ١٩٦٧ فهذا امر ومبحث اخر لابد من سبر اغوارها لمعرفة سرها ولو ان وصفها بغزة هاشم واضافة غزة هاشم والمعمداني يكشفان عن بعض كوامن اسرارها، وفي الجغرافية انها الحدود الغربية للعربية التي تبدا من ساحلها وتمتد الى طوروس وزاغروس فالهضبة الايرانية وبحر العرب. وهي الجبهة المفتوحة والتي تساندها في حربها الجارية اذانا بدنو زمن تحرير فلسطين من النهر الى البحر.وايضا لو لم تسقط بيد البريطانيين في الحرب العالمية الاولى بعد ثلاث معارك طاحنة مع العثمانيين لما كانت سقطت السلطنة العثمانية وانحسرت حدودها الى تركيا الناتجة من معاهدة لوزان والمعروفة بالاتاتوركية، عين الخطأ القاتل الذي يرتكبه اردوغان بعدم الانخراط في حرب الدفاع عنها اليوم. والكف عن وهم احتلال سورية وتخديم الاطلسي وقبول دور الوكيل في مشروع الشرق الاوسط الجديد” المقبور” الذي تطوع له واشهر دوره ورغبته فيه. ومن غير المستبعد ان من اولى تأثيرات ونتائج حرب غزة سيكون هزة عاصفة في تركيا وفي وجه سلطنة اردوغان وحزب العدالة والتنمية.فغزة اضافة لما تقدم هي اليوم تسطر اساطير نضال وكفاح ومقاومة وصمود وتمسك بالأرض والوطن وبالحق الوطني والقومي غير القابل للقسمة وقد دشنت تظاهراتها على الشريط تحت شعار العزدة وصمودها الاسطوري ورفضها النزوح الا الى فلسطين وجاءت طوفان الاقصى مؤشرا وإرهاصا ان ليس للفلسطينيين الا العودة الى ارضهم وانتزاع الحق القومي كاملا غير منقوص.غزة في الهدنة وتبادل الاسرى ايضا قدمت نموذجا واسما للأزمنة الاتية، فقد خرجت الصور الى الملأ والعالم تعقد المقارنة بين ما عليه اسرائيل وما تفعله بتغطية واسناد من امريكا والاطلسي والعالم الأنجلو ساكسوني وبين ما هي عليه غزة ومحور المقاومة من ايمان وعقيدة والتزامات دينية واخلاقية وقيمية.فتمل صورة الفتاة الاسرائيلية التي اطلق سراحها وهي باسمة ووجهها نظر وتحمل كلبها ببن ذراعيها التزام غزة لتأصيل شرعة حقوق الانسان وفوقها حقوق الحيوان وتؤكد التزامها الايماني بحق البشر بالحياة الكريمة والرعاية وان كانوا في الحرب والاسر بينما اسرائيل تقصف المدارس والمستشفيات وتقتل الاطباؤ والمسعفين وتركز همجيتها على الاطفال والنساء والعزل، والى صورة الكلب صورة اسيرة اسرائيلية تقبل جبهة بطل قسامي اقرارا واعترافا بالجميل وبالقيم والأخلاق التي تمتعوا بها وكذا صورة الاسرى الاسرائيليين الذين يلوحون للقساميين بالأكف وداعا واعترافا بالفضائل والاخلاق والقيم، وسبق لام ان اشادت بتعامل القساميين مع طفلتها ذات الاربع سنوات وقالت انهم عاملوها كمربية وامنوا لها الالعاب وحاجاتها.هكذا يصنع تاريخ مستقبل البشرية وتأتي الارهاصات والمؤشرات على دنو حقبة ولادة لعالم الجديد بديلا عن العالم الانكلو ساكسوني الذي اثخن البشرية جراحات وعذابات وعمليات قتل وابادة عشرات الملايين وتستر بمقولات وقوانين لم يلتزمها قط وقد كشفت غزة عوراتها وحقيقتها بينما هي تصيغ وهي تحارب وتدمر وتجري محاولات ابادتها الصورة الحقيقة والقواعد التي ستكون ناظمة للحياة البشرية وللحروب وللعلاقات بين الامم والبشر في العالم الجديد الجارية عمليات مخاض ولادته باعتباره عالم يلتزم قواعد ونظم وقوانين تعلي شأن الانسان باعتباره غاية الخلق وسر الكون وجوهر الحياة.مبروك لغزة مكانتها وصفتها اسطورة المقاومة والخلاقة والمبدعة في توليده وتأكيدها اصالتها وايمانها واخلاقها . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى