المقالات

قوة الحق بمواجهة حق القوة

بقلم المستشار قاسم حدرج …..

اصعب كلمة سمعتها فشطرت قلبي نصفين ورمت نفسي في وادي حزن سحيق وأشعرتني أني انسان عاجز كسيح هي (في حدا بعدو عايش هون) قالها رجل يبحث يائسا عن ناجين وسط الركام بعد ان حولت الصواريخ الاميركية المصنعة بأموال عربية والموجهة بأيد صهيونية بيوت الغزاويين الى مقابر جماعية ولم اكد ألملم شتات نفسي وأمسح دمعة حرقت وجنتي الا ورأيت طفلا غزاويا وقد خرج من بين الركام كمارد همام يقول لا شيء يخيفنا ولا يوجد في فلسطين اطفال صغار فقد ولدتنا امهاتنا على هذه الارض كبار ،لم تكن تلك الكلمات التي سمعتها تشبه الكلمات بل كانت بالنسبة لي أكسير حياة ازالت الضعف والوهن من جسدي والحزن من قلبي ونقلتني الى ارض المعركة ولو افتراضيا فقد الزمني هذا الطفل الحجة فهذه المعركة لا مكان فيها للحياد او للدعاء او للدموع بل انخراط في المعركة بدعاء يصاحبه عمل وبدموع تصنع الأمل فحي ايتها النفس على خير العمل والتحقي بمعسكر الميامين فها قد حان موعد تحرير فلسطين.
معركة طوفان القدس التي تعتبر بالمفاهيم العسكرية معجزة خيالية حققت نتائج خرافية لا يمكن لأي متخصص في العلم العسكري ان يتوقعها ولو كانت وقائعها
هي سيناريو في فيلم هوليوودي لخرج المتفرجين هازئين من مبالغة المخرج فكيف
لمجموعة محاصرة بالأف الكاميرات والمجسات وطائرات التجسس ان تكسر قيود سجنها وتغافل حراسها وتقتحم ادارة السجن وتعتقل كل قادته وعناصره وتضعهم في زنازينها ، انه ليس فيلما حربيا بل انه يصح ان يصنف بخانة افلام الخيال العلمي فنحن نتحدث عن كيان عسكري أمني استخباراتي بوليسي يمتلك بل يشتهر بصناعة اقوى برامج الحماية والرصد والتجسس فكيف شلت كل قدراته بواسطة من اسماهم وزير حرب الكيان بالحيوانات البشرية فاذا كانوا بالنسبة له حيوانات واستطاعوا ان ينتزعوا ادمغته الألية ويحولوا ذكاءه الاصطناعي الى غباء واقعي فهذا يعني انه وجنوده وكيانه عبارة عن حشرات داستها اقدام المقاومين .
لقد سبق للمقاومة الفلسطينية وقبلها اللبنانية في انجاز عمليات نوعية حققوا من خلالها اهدافا استراتيجية اضرت بسمعة العدو العسكرية ولكن عملية طوفان القدس
تمايزت عن كل العمليات السابقة نظرا لمجموعة الاهداف التي حققتها بعيدا عن الاهداف العسكرية المباشرة وكمية ونوعية الاسرى وعدد الخسائر البشرية للعدو
التي لم يتكبدها في حروبه الكبرى وخلال ساعات معدودة والنتائج الغير منظورة تتمثل في التأكيد على ان العقل البشري بأمكانه التفوق على كل التقنيات التكنولوجيا الحديثة التي تعتمد على الذكاء الصناعي فكان عنصر النجاح الأول للعملية هو الخداع الأستراتيجي حيث اضطرت حماس الى الظهور بمظهر الضعيف الباحث عن الحل السلمي فلم تتدخل في محطات عدوانية للصهاينة على الشعب والمقدسات لأيهامه بأنها تجنح للسلم فنجحت في خداعه فأبعد عيونه عنها قليلا وهذا برأيي ما يحصل تماما في سوريا حيث تمتص قيادتها الضربات الاسرائيلية وتبتلع مرارتها
حرصا على عدم الكشف عما تمتلكه سوريا من انظمة دفاع جوي حديثة تصنع بأمكانيات محلية لحين تأتي ساعة الحسم واحداث صدمة كبرى للعدو قد لا يستفيق منها .
الهدف الثاني الذي حققته عملية طوفان الأقصى هي انها جرفت كل اتفاقيات التطبيع السابقة واللاحقة وحولتها امام الشعوب الغاضبة الى شهادة عار سيمزقها اصحابها بأيديهم .
الهدف الثالث هو كشف النقاب عن الوجه الاميركي الحقيقي الذي تحاول الانظمة العربية تقديمه كشريك في عملية السلام العادل فأظهرت وجه الشيطاني الصهيوني
المنحاز بشكل تام الى ربيبته ليس من بوابة المصالح السياسية بل من البوابة الصهيونية التي تتعاطى مع العرب على انهم حيوانات يجب التخلص منهم ولدرجة ان الرئيس الاميركي شارك في عملية التضليل الاعلامي وروج لأكذوبة قطع رؤوس الاطفال .
الهدف الرابع هو تعرية الانظمة العربية التي لم يعد في قاموسها سوى توهين القضية الفلسطينية ووصف المقاومة بالانتحار بل وضعها على لوائح الارهاب
فأتت عملية طوفان الاقصى لتسقط ورقة التوت عن عورات هذه الانظمة التي تهرع للأستفادة من الخبرات الامنية للكيان فأذ بالايدي الفلسطينية المكبلة تنجح في فك اصفادها وتكبيل العدو بأكبر هزيمة في تاريخه .
الهدف الخامس تعرية الانظمة الغربية التي ترفع شعار حقوق الانسان وحرية التعبير فأذ بها تنحاز بشكل كامل الى الكيان الذي يحمي مصالحها وتلقي بكل شعاراتها الحقوقية في محرقة صهيون وهي الدول التي بررت حرق القرأن والترويج للشذوذ على انه حرية تعبير تمنع اليوم مسيرات مؤيدة لأطفال فلسطين ومنددة بالمجازرالصهيونية وشاركت بأدواتها الاعلامية في حفلة اضاليل واكاذيب لشيطنة المقاومة وتبرئة اسرائيل كما انزلت القنوات الفلسطينية عن اقمارها الصناعية تمنع اظهار المجازر الاسرائيلية .
والهدف الاخير والأهم برأيي هو ان طوفان الأقصى جرف معه كل المواثيق والعهود والمعاهدات الدولية والقوانين الانسانية وشرعة حقوق الانسان والمنظمات الدولية الانسانية والمحاكم الجنائية الدولية حيث تبين انها موضوعة لشعوب ما يسمونه بدول العالم الثالث اما اسرائيل فهي مصنفة دولة فوق القانون بحيث ان وزير حربها يعلن امام العالم بأنه عازم على ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بحق
الشعب الفلسطيني بدءا بغزة عن طريق الحصار ومنع كل اسباب الحياة عنه اضافة الى الغارات الوحشية على الاماكن السكنية وقد اعترف افيخاي بأن غزة طابقين
الاول هو للمدنيين اما تحت الارض فهو للمقاتلين وبذلك تكون العصابة الصهيونية
تستهدف المدنيين عمدا وليس كما تروج بأنهم خسائر جانبية ورغم ان العالم يشاهد مباشرة جثث الاطفال المقطعة والتي بلغ عددها 800 طفل اي ما يعادل طفل كل 12 دقيقة ورغم ان ما يقوم به الكيان الغاصب يندرج تحت بند جرائم ضد الانسانية الا ان دعاة الانسانية يصفون ما يقوم به بالدفاع عن النفس ،هذه المنظمات التي تسارع الى تحريك عجلتها القانونية وفقا للأهواء السياسية فهي تفتح تحقيق في سوريا وفي اوكرانيا الا ان هذه العجلة تتعطل عندما يتعلق الامر بجرائم الاحتلال
مما افقدنا الثقة بكل هذه المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة علينا وبالتالي
عدنا الى شريعة الغاب حيث تتعاطى معنا الأمم بمنطق القوة تنشىء الحق وتحميه
فمن الطبيعي ان نواجه نحن مبدأ حق القوة بمبدأ قوة الحق وعملية طوفان الأقصى هي الفلك الذي حمل على ظهره كل الشرفاء المقاومين وترك المتأمرين والمطبعين والمحتلين ليكونوا من المغرقين فالتمييز بين الحق والباطل بات فلسطين وقانوننا وشرعتنا هي المقاومة مهما بلغت التضحيات وبدلا من ان يقتلونا في سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان في مؤامرات شيطانية فلنتحد جميعا تحت الراية الفلسطينية ففيها عز الدنيا والأخرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى