مقالات

وجهة نظر شخصية

د. حسن أحمد حسن
بعيداً عن التهويل أو التهوين ماذا عن بيان السفارة السعودية في لبنان؟
بهدوء تام، وبعيداً عن أية خلفيات أو مواقف مسبقة يمكن تسجيل بعض النقاط التي قد تساعد على إيضاح بعض جوانب الصورة، ومنها:
• بنية البيان ومضمونه ممهورة ببصمة أمنية استخباراتية.
• كل ما يصدر من جمع الأطراف ببصمة استخباراتية يثير اللغط والقلق والارتباك وتشوش الرؤية، وهذا ما حدث حتى في أوساط المثقفين والمحللين.
• إذا استبعدنا كل ما لله علاقة بمدخلات “نظرية المؤامرة” لتقليل الاحتمالات غير القابلة للفهم، وإذا انطلقنا من التوجه الجديد للسعودية بالانفتاح، وعدم وضع كل البيض في السلة لأمريكية فقط، خوفاً من اهتراء ما في قاعدة تلك السلة التي ثبت أن السوس ينخر حوافها ومركزها، فيمكن عند ذلك قراءة البيان وفق ما يلي:
ـ توفر معلومات أمنية واستخباراتية لدى الأجهزة المختصة تفيد بأن الساحة اللبنانية قد تشهد حدثاً كبيراً له ارتداداته التي قد تخرج عن السيطرة.
ـ خلوُّ لبنان من الرعايا السعوديين منذ سنوات يشير إلى أن البيان في أحد جوانبه صافرة إنذار لتقليل آثار التداعيات المحتملة ما أمكن.
ـ قد تكون الأجهزة المختصة السعودية نفسها ضحية تضليل متعمد في معلومات أوصلها طرف آخر بدليل صدور بيانات مشابهة من سفارات أخرى، إذ لا يوجد في الأفق قرائن دالة على حدوث ما هو غير متوقع.
ـ إذا كان ثمة طرف خارجي وراء ذلك فالأهداف متعددة، ومنها:
ـ خلق حالة اضطراب وتوتر على الساحة اللبنانية تساعد على استمرار الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، وتعمل على خلق أجواء مناسبة لخروج ألسنة اللهب من المخيم إلى خارجه.
ـ التأثير غير المباشر على المقاومة لتقليل أوراق الضغط المتزايدة في الآونة الأخيرة التي تظهر ضعف العدو الصهيوني، وتآكل قدرته الردعية، وهشاشة الوضع الداخلي لديه.
ـ قد يكون للأمر علاقة باقتراب موعد التنقيب في المياه اللبنانية عن النفط والغاز.
ـ موضوعياً خروج السعودية من تحت العباءة الأمريكية ولو جزئياً يؤكد حرص قيادتها على التمتع بسيادتها كدولة مستقلة، وهذا حق وواجب، في حين أن الانكفاء الذي يكثر الحديث عنه، وفتور الخطوات الوازنة تجاه ما تضمنه الاتفاق السعودي ـ الصيني من جهة، وتجاه سورية من جهة أخرى يثبت التهمة بأن السعودية كانت تنفذ أجندة أمريكية حتى في هذين الملفين.
ـ لا يمكن غض البصر عما يتم تناوله من أخبار خاصة بتسريع التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي، وإذ صح ذلك يمكن ربط صدور البيان بهذه البوصلة.
خلاصة: لا يوجد في المدى المنظور ما يثير القلق و الهلع، وإذ كان الأمر يتعلق بحدث دراماتيكي ببعد عسكري خاص بالكيان الإسرائيلي أو سيده الأمريكي، فالتهويل لا يؤثر على إرادة من لا يهمهم الرضا الأمريكي، ولو أن واشنطن وتل أبيب قادرتان على خلط الأوراق لما ترددتا لحظة وحدة، أما إذا كان الأمر يرتبط بتصعيد غير مباشر لا تتورط به واشنطن وتل أبيب، فدول السفارات التي أصدرت بياناتها آخر من يعلم بحقيقة ما قد يجري، وما تفكر بتنفيذه أمريكا والكيان المؤقت، ويبقى الحذر واجباً، وهو حاضر دائماً.
دمشق في 5/8/2023م.
د. حسن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى