كتب عثمان بدر
اللبنايون وقد ملّوا إهمال الحكومات المتتابعة لوطنهم وسئموا “أطنان” الاعذار الواهية عن تقاعس الحكومات المتتالية التي تربعت على كرسي الوزارات،وكرهوا الحجج التي يتستر خلفها تقصير النواب،وقد عبرّوا عن شجبهم وادانتهم لما يحصل لهم و لوطنهم من خلال الاحتجاجات والتظاهرات وقطع الطرقات لمدة تزيد عن ثلاثة اشهر،وعندما ايقنوا ان وراء اكمة حرمانهم ما وراءها،باتوا يردّدون: “أن للبنان رب يحميه”،وعقدوا بغالبيتهم الآمال العريضة على الحكومة العتيدة _برئاسة الاستاذ حسان ذياب_ لإنصافهم وانصاف وطنهم الذي “شاخ” و”شاخ” معه الدور الريادي الذي كان يلعبه في الأزمان الغابرة وفقد موقعه ك(سويسرا الشرق) بفعل فاعل…!!
فما الذي يريده اللبنانيون من حكومة الرئيس ذياب..!!؟
ليس من شكٍ ان لكل مواطن طموحه الخاص،ولكل منطقة احيتاجاتها التي تطمح بان يتم ترجمتها واقعاً ولكن جميع اللبنانيين يتفقون انه لا بد من الاصلاح والانتقال من (دولة المحاصصة) الى (دولة المؤسسات والقانون) وانه لا بد من محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين ولا بد من توفير الخدمات التي تؤمّن حياة حرّة وكريمة للمواطنين و ينبغي تحصين المجتمع اللبناني وتمكينه من مواجهة التحديّات المستقبليّة،وهذا لا يمكن ان يتم بمعزلِ عن النهوض المجتمعي على الصعد كافّة..
ربما ابناء الشمال عموماً وابناء الفيحاء خصوصاً لانهم الاكثر حرماناً ينتظرون اكثر من غيرهم تحسين واقع مناطقهم من خلال (الانماء المتوازن) الذي حرمتهم منه الحكومات السابقة المتعاقبة من خلال انحيازها الكامل لبعض المناطق الاخرى،ويطمحون بان تكون (الدولة) راعية لكل ابنائها دون تمييز بين احدٍ واحد، ودون تفريق بين منطقةٍ واخرى…
لقد اثبتت مجريات الامور على مدار اكثر من ستين سنة بان حظ (طرابلس) عاثر مع دولتها التي لم تخصّها في يوم من الايام بنصيب من الرعاية والاهتمام ولم تعاملها على انها العاصمة الثانية للوطن والعاصمة الاولى للشمال لا بل انها لم تتعامل معها كمدينة عاديّة لها حقوق على حكوماتها،فمشاريعها الانمائية والنهضويّة تحوّلت منذ امدٍ بعيدٍ الى (وعود) و(وعود) و(وعود عرقوبيّة) التنفيذ الى اجلٍ غير مسمّى،وبقيت فريسة الاهمال والاستهتار واللامبالاة والتخلّي والتجاهل وواقع حالها الراهن يؤكّد ذلك،ما جعل منها مدينة محرومة اقتصاديّاً ومقهورة اجتماعيّاً ومغبونة معيشيّاً…
الرئيس حسان ذياب القادم الى من (عالم الكمبيوتر) لرئاسة الحكومة _باعتبار انه دكتور في هندسة الكمبيوتر_،يعي تماماً الفرق الشاسع بين (العالم الافتراضي) و(العالم الواقعي)،وهو عندما وافق على تأليف الحكومة فانما كان يُدرك انه امام امتحان كبير وصعب وخطير،ويعرف وهو المشهود له بالحنكة والذكاء وسرعة البديهة والمثابرة وطول النفس بان مهمات جسام بانتظاره وبانتظار حكومته، ويعرف صعوبة ما ينتظره،و يُدرك ان هناك آلآلآف من اللبنانيين ينتظرونه في (الساحات) وعلى (مفترقات الطرق)،فهل ينجح في هذا الامتحان الكبير ويحوز على ثقة وثناء الكل اللبناني..!!؟ سؤال نترك للقادم من الايام ولانجازات الرئيس ذياب الاجابة عليه…!!!؟
