الروابط البلدية والعائلية في المخيمات الفلسطينية عود على بدء.. عثمان بدر
معلوم انه عام 1948 حصلت النكبّة الكبرى التي حلّت بالفلسطينيين وجرى تشتيتهم الى دول الجوار العربي،وما ان استقرّوا في مخيمات اللجوء وهدأت نفوسهم قليلاً وللتحديد في مطلع خمسينات القرن الماضي حتى بدأت تبرز (روابط عائليّة وقروية) في عموم مخيمات الشتات وخاصّة في مخيمات لبنان تحمل اسم بعض العائلات اضافة الى القرى والبلدات التي هُجروا منها،ولم يكن المقصود من انشاء هذه (الروابط) التعاضد والتكاتف بين ابناء القريّة الواحدة او العائلة الواحدة فحسب،بل كانت رسالة للمحتلين الصهاينة بان الفلسطينيين يتمسكون بوطنهم وباسماء قراهم الاصليّة التي قام الاحتلال بتغيير اسماءها وباطلاق تسميات غير عربيّة جديدة عليها،واللافت ان (الرابطة) لاي قرية كانت فروعها تمتد في جميع المخيمات من الشمال الى الجنوب ومن بيروت الى البقاع.
وبعد تأسيس (منظمة عكس الاتجاهر الفلسطينية) عام 1964 وانطلاقة (الثورة الفلسطينية) في الاول من كانون الاول عام 1965،فقدت هذه (الروابط) مبرّرات وجودها والغاية منها لا سيما وان (المنظمة) باتت تُمثل الجميع دون استثناء كما ان (الفصائل الفلسطينية) انطلقت ل(تحرير فلسطين) وبدأ الامل بالعودة القريبة والمظفّرة يداعب مخيلات جميع اللاجئين،وعليه فان (الروابط) بدات تختفي رويداً رويداً الى ان ذابت كليّاً عن الوجود.
وبعد توقيع اتفاقيات (اوسلو) في 13 ايلول من عام 1993 بين (منظمة عكس الاتجاهر الفلسطينية) و(اسرائيل) واعتراف (القيادة الفلسطينية) بحق (دولة اسرائيل) في الوجود على 78 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخيّة اي المدن والبلدات والقرى التي ينحدر منها ابناء المخيمات وتخليها عن حق عودة اللاجئين الى بيوتهم وممتلكاتهم وشطب البند المتعلّق ب(الكفاح المسلح كطريق من اجل تحرير فلسطين) من (الميثاق الوطني الفلسطيني)،شعر اللاجئون بالغبن والظلم وبانهم قد طٌعنوا من الخلف وهذه المرّة من قِبل ممن ينبغي ان يكونوا أٌمناء على القضيّة و احسّوا انهم خُدعوا من اولئك لطالما كذبوا عليهم بشعارات (تحرير فلسطين) و(عودة اللاجئين) خاصّة وان (الفصائل الفلسطينية) ترهلت وتقهقرت وتقوقعت وتخلّت عن هدف (تحرير فلسطين) وتحوّلت الى (العمل الاجتماعي) وباتت اشبه ما تكون ب(مؤسسات انسانية) فاشلة ايضاً اذ لم يعد عندها اية مهمة او عمل سوى توزيع (الخبز) و(الكراتين) و(البطاطا) و(اللحوم) على الازلام والمحسوبين،فكان ان تم اعادة احياء (الروابط القرويّة والعائليّة) بغالبيتها وهذه المرة ليس كرد فعلٍ على الصهاينة بل كردٍ صريحٍ وواضحٍ على (القيادة الفلسطينية) ورفضاً لاتفاقيات الذل والعار،ورسالة ليست مشفّرة بل واضحة ولا لبس فيها مفادها ان (اتفاقياتكم لا تُمثلنا ونحن نتمسّك بقرانا وبلداتنا ووطننا،فاذهبوا انتم واوسلو الى الجحيم…).